التفاسير

< >
عرض

قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٦
-يونس

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ قُل لَّوْ شَاء ٱللَّهُ } غير ذلك. { مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ } ولا أعلمكم به على لساني، وعن ابن كثير «ولأدراكم» بلام التأكيد أي لو شاء الله ما تلوته عليكم ولأعلمكم به على لسان غيري. والمعنى أنه الحق الذي لا محيص عنه لو لم أرسل به لأرسل به غيري. وقرىء «ولا أدرأكم» «ولا أدرأتكم» بالهمز فيهما على لغة من يقلب الألف المبدلة من الياء همزة، أو على أنه من الدرء بمعنى الدفع أي ولا جعلتكم بتلاوته خصماء تدرؤنني بالجدال، والمعنى أن الأمر بمشيئة الله تعالى لا بمشيئتي حتى اجعله على نحو ما تشتهونه ثم قرر ذلك بقوله: { فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً } مقداراً عمر أربعين سنة. { مِن قَبْلِهِ } من قبل القرآن لا أتلوه ولا أعلمه، فإنه إشارة إلى أن القرآن معجز خارق للعادة فإن من عاش بين أظهرهم أربعين سنة لم يمارس فيها علماً ولم يشاهد عالماً ولم ينشىء قريضاً ولا خطبة، ثم قرأ عليهم كتاباً بزت فصاحته فصاحة كل منطيق وعلا عن كل منثور ومنظوم، واحتوى على قواعد علمي الأصول والفروع وأعرب عن أقاصيص الأولين وأحاديث الآخرين على ما هي عليه علم أنه معلم به من الله تعالى. { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي أفلا تستعملون عقلوكم بالتدبر والتفكر فيه لتعلموا أنه ليس إلا من الله.