التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ
١٤٥
-البقرة

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ بِكُلّ ءايَةٍ } برهان وحجة على أن الكعبة قبلة، واللام موطئة للقسم { مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ } جواب للقسم المضمر، والقسم وجوابه ساد مسد جواب الشرط، والمعنى ما تركوا قبلتك لشبهة تزيلها بالحجة، وإنما خالفوك مكابرة وعناداً. { وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ } قطع لأطماعهم، فإنهم قالوا: لو ثبتَ على قبلتنا لكنا نرجو أن تكون صاحبنا الذي ننتظره، تغريراً له وطَمعاً في رجوعه، وقبلتهم وإن تعددت لكنها متحدة بالبطلان ومخالفة الحق. { وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ } فإن اليهود تستقبل الصخرة، والنصارى مطلع الشمس. لا يرجى توافقهم كما لا يرجى موافقتهم لك، لتصلب كل حزب فيما هو فيه { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } على سبيل الفرض والتقدير، أي: ولئن اتبعتهم مثلاً بعدما بان لك الحق وجاءك فيه الوحي { إِنَّكَ إِذَا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } وأكد تهديده وبالغ فيه من سبعة أوجه: أحدها: الإِتيان باللام الموطئة للقسم. ثانيها: القسم المضمر. ثالثها: حرف التحقيق وهو أن. رابعها: تركيبه من جملة فعلية وجملة اسمية. وخامسها: الإِتيان باللام في الخبر. وسادسها: جعله من { ٱلْظَّـٰلِمِينَ }، ولم يقل إنك ظالم لأن في الاندراج معهم إيهاماً بحصول أنواع الظلم. وسابعها: التقييد بمجيء العلم تعظيماً للحق المعلوم، وتحريضاً على اقتفائه وتحذيراً عن متابعة الهوى، واستفظاعاً لصدور الذنب عن الأنبياء.