التفاسير

< >
عرض

مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ
١٢٠
-التوبة

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مّنَ ٱلأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ } نهي عبر به بصيغة النفي للمبالغة. { وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ } ولا يصونوا أنفسهم عما لم يصن نفسه عنه ويكابدوا معه ما يكابده من الأهوال. روي: (أن أبا خيثمة بلغ بستانه، وكانت له زوجة حسناء فرشت له في الظل وبسطت له الحصير وقربت إليه الرطب والماء البارد، فنظر فقال: ظل ظليل، ورطب يانع وماء بارد وامرأة حسناء ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الضح والريح ما هذا بخير، فقام فرحل ناقته وأخذ سيفه ورمحه ومر كالريح، فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إلى الطريق فإذا براكب يزهاه السراب فقال: كن أبا خيثمة فكانه ففرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفر له) وفي { لا يَرْغَبُواْ } يجوز النصب والجزم. { ذٰلِكَ } إشارة إلى ما دل عليه قوله ما كان من النهي عن التخلف أو وجوب المشايعة. { بِأَنَّهُمْ } بسبب أنهم. { لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ } شيء من العطش. { وَلاَ نَصَبٌ } تعب. { وَلاَ مَخْمَصَةٌ } مجاعة. { فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَطَئُونَ } ولا يدوسون. { مَوْطِئًا } مكاناً. { يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ } يغضبهم وطؤه. { وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَّيْلاً } كالقتل والأسر والنهب. { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ } إلا استوجبوا به الثواب وذلك مما يوجب المشايعة. { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } على إحسانهم، وهو تعليل لـ { كِتَـٰبَ } وتنبيه على أن الجهاد إحسان، أما في حق الكفار فلأنه سعى في تكميلهم بأقصى ما يمكن كضرب المداوي للمجنون، وأما في حق المؤمنين فلأنه صيانة لهم عن سطوة الكفار واستيلائهم.