لما أخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات، ويزدادون على ذلك، عطف بذكر حال الأشقياء، فذكر تعالى عدله فيهم، وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها، لا يزيدهم على ذلك، {وَتَرْهَقُهُمْ} أي: تعتريهم وتعلوهم ذلة؛ من معاصيهم، وخوفهم منها، كما قال:
{ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَـٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىٍّ } [الشورى: 45] الآية وقال تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَـٰر مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ } [إبراهيم:42-43] الآيات، وقوله: {مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} أي: مانع، ولا واق يقيهم العذاب؛ كقوله تعالى: { يَقُولُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ كَلاَّ لاَ وَزَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } [القيامة:10-12] وقوله: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ} الآية إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة؛ كقوله تعالى: { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَـٰنِكُمْ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِى رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } [آل عمران:106-107] وقوله تعالى: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَـٰحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } [عبس:38-40] الآية.