التفاسير

< >
عرض

وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ
٤٦
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٤٧
-يونس

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى مخاطباً لرسوله صلى الله عليه وسلم { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ } أي: ننتقم منهم في حياتك لتقر عينك منهم { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } أي: مصيرهم ومنقلبهم، والله شهيد على أفعالهم بعدك. وقد قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا داود بن الجارود عن أبي السليل عن حذيفة بن أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرضت عليَّ أمتي البارحة لدى هذه الحجرة، أولها وآخرها" فقال رجل: يارسول الله عرض عليك من خلق، فكيف من لم يخلق؟ فقال: "صوروا لي في الطين، حتى إني لأعرف بالإنسان منهم من أحدكم بصاحبه" ورواه عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن عقبة بن مكرم عن يونس بن بكير عن زياد بن المنذر عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد به نحوه. وقوله: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ } قال مجاهد: يعني: يوم القيامة { قُضِىَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ } الآية، كقوله تعالى: { { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } [الزمر: 69] الآية، فكل أمة تعرض على الله بحضرة رسولها، وكتاب أعمالها من خير وشر موضوع شاهد عليهم، وحفظتهم من الملائكة شهود أيضاً، أمة بعد أمة، وهذه الأمة الشريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق، إلا أنها أول الأمم يوم القيامة يفصل بينهم ويقضي لهم كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق" فأمته إنما حازت قصب السبق بشرف رسولها صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين.