التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ
٨٤
فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٨٥
وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ
٨٦
-يونس

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى مخبراً عن موسى أنه قال لبني إسرائيل: { يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ ءامَنْتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنْتُم مُّسْلِمِينَ } أي: فإن الله كاف من توكل عليه { { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [الزمر: 36] { { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [الطلاق: 3] وكثيراً ما يقرن الله تعالى بين العبادة والتوكل؛ كقوله تعالى: { { فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [هود: 123] { { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ءَامَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } [الملك: 29] { { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } [المزمل: 9] وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم مرات متعددة: { { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة: 5] وقد امتثل بنو إسرائيل، ذلك فقالوا: { عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي: لا تظفرهم بنا، وتسلطهم علينا، فيظنوا أنهم إنما سلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل، فيفتنوا بذلك، هكذا روي عن أبي مجلز وأبي الضحى، وقال ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد لا تعذبنا بأيدي آل فرعون، ولا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حق ما عذبوا، ولا سلطنا عليهم فيفتنوا بنا. وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } لا تسلطهم علينا فيفتنونا. وقوله: { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ } أي: خلصنا برحمة منك وإحسان { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي: الذين كفروا الحق وستروه، ونحن قد آمنا بك، وتوكلنا عليك.