يخبر تعالى عن إخوة يوسف أنهم لما يئسوا من تخليص أخيهم بنيامين الذي قد التزموا لأبيهم برده إليه، وعاهدوه على ذلك، فامتنع عليهم ذلك، { خَلَصُواْ } أي: انفردوا عن الناس { نَجِيًّا } يتناجون فيما بينهم { قَالَ كَبِيرُهُمْ } وهو روبيل، وقيل: يهوذا، وهو الذي أشار عليهم بإلقائه في البئر عندما هموا بقتله، قال لهم: { أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقًا مِّنَ ٱللَّهِ } لتردنه إليه، فقد رأيتم كيف تعذر عليكم ذلك، مع ما تقدم لكم من إضاعة يوسف عنه، { فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ } أي: لن أفارق هذه البلدة { حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِىۤ أَبِىۤ } في الرجوع إليه راضياً عني، { أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِى } قيل: بالسيف، وقيل: بأن يمكنني من أخذ أخي، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَـٰكِمِينَ }، ثم أمرهم أن يخبروا أباهم بصورة ما وقع، حتى يكون عذراً لهم عنده، ويتنصلوا إليه ويبرؤوا مما وقع بقولهم. وقوله: { وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَـٰفِظِينَ } قال قتادة وعكرمة: ما علمنا أن ابنك سرق. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما علمنا في الغيب أنه سرق له شيئاً، إنما سألنا ما جزاء السارق؟ { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِى كُنَّا فِيهَا }: قيل: المراد مصر، قاله قتادة، وقيل: غيرها، { وَٱلّعِيْرَ ٱلَّتِىۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا } أي: التي رافقناها، عن صدقنا وأمانتنا، وحفظنا وحراستنا، { وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } فيما أخبرناك به من أنه سرق، وأخذوه بسرقته.