التفاسير

< >
عرض

وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ
٤٠
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
٤١
-الرعد

تفسير القرآن العظيم

يقول تعالى لرسوله: { وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ } يا محمد، بعض الذي نعد أعداءك من الخزي والنكال في الدنيا { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } أي: قبل ذلك، { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ } أي: إنما أرسلناك لتبلغهم رسالة الله، وقد فعلت ما أمرت به { وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } أي: حسابهم وجزاؤهم؛ كقوله تعالى: { { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلاَْكْبَرَ إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } [الغاشية:21-26]، وقوله: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِى ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } قال ابن عباس: أو لم يروا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم الأرض بعد الأرض، وقال في رواية: أو لم يروا إلى القرية تخرب حتى يكون العمران في ناحية. وقال مجاهد وعكرمة: ننقصها من أطرافها، قال: خرابها. وقال الحسن والضحاك: هو ظهور المسلمين على المشركين. وقال العوفي عن ابن عباس: نقصان أهلها وبركتها. وقال مجاهد: نقصان الأنفس والثمرات وخراب الأرض. وقال الشعبي: لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حُشُّك، ولكن تنقص الأنفس والثمرات، وكذا قال عكرمة: لو كانت الأرض تنقص لم تجد مكاناً تقعد فيه، ولكن هو الموت. وقال ابن عباس في رواية: خرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها، وكذا قال مجاهد أيضاً: هو موت العلماء، وفي هذا المعنى روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أحمد بن عبد العزيز أبي القاسم المصري الواعظ سكن أصبهان: حدثنا أبو محمد طلحة بن أسد الرقي بدمشق، أنشدنا أبو بكر الآجري بمكة قال: أنشدنا أحمد بن غزال لنفسه:

الأرضُ تَحْيا إذا ما عاشَ عالِمُهامَتى يَمُتْ عالِمٌ منها يَمُتْ طَرَفْ
كالأرض تَحْيا إذا ما الغَيْثُ حَلَّ بِهاوإنْ أَبى عادَ في أَكْنافِها التَّلَفْ

والقول الأول أولى، وهو ظهور الإسلام على الشرك قرية بعد قرية؛ كقوله: { { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلْقُرَىٰ } [الأحقاف: 27] الآية، وهذا اختيار ابن جرير.