يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم { وَإِن تَعْجَبْ } من تكذيب هؤلاء المشركين بالمعاد، مع ما يشاهدونه من آيات الله سبحانه ودلائله في خلقه على أنه القادر على ما يشاء، ومع ما يعترفون به من أنه ابتدأ خلق الأشياء فكونها بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً، ثم هم بعد هذا يكذبون خبره في أنه سيعيد العالم خلقاً جديداً، وقد اعترفوا وشاهدوا ما هو أعجب مما كذبوا به، فالعجب من قولهم: { أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ }، وقد علم كل عالم وعاقل أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، وأنَّ من بدأ الخلق، فالإعادة عليه أسهل، كما قال تعالى:
{ { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [الأحقاف: 33] ثم نعت المكذبين بهذا، فقال: { أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلَـٰلُ فِىۤ أَعْنَـٰقِهِمْ } أي: يسحبون بها في النار { وَأُوْلـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } أي: ماكثون فيها أبداً، لا يحولون عنها، ولا يزولون.