يخبر تعالى عن كفرهم وعنادهم في قولهم: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ} أي: الذي تدعي ذلك {إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} أي: في دعائك إيانا إلى اتباعك، وترك ما وجدنا عليه آباءنا {لَّوْ مَا} أي: هلا {تَأْتِينَا بِٱلْمَلَـٰئِكَةِ} أي: يشهدون لك بصحة ما جئت به إن كنت من الصادقين، كما قال فرعون:
{ فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } [الزخرف: 53]، { وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلَـٰئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِىۤ أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً } [الفرقان:21-22]، وكذا قال في هذه الآية: { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ} وقال مجاهد في قوله: {مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ}: بالرسالة والعذاب، ثم قرر تعالى أنه هو الذي أنزل عليه الذكر، وهو القرآن، وهو الحافظ له من التغيير والتبديل، ومنهم من أعاد الضمير في قوله تعالى: {لَهُ لَحَـٰفِظُونَ} على النبي صلى الله عليه وسلم كقوله: { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [المائدة: 67] والمعنى الأول أولى، وهو ظاهر السياق.