يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وكبريائه الذي خضع له كل شيء، ودانت له الأشياء والمخلوقات بأسرها: جماداتها وحيواناتها، ومكلفوها من الإنس والجن، والملائكة، فأخبر أن كل ما له ظل يتفيأ ذات اليمين وذات الشمال، أي: بكرة وعشياً، فإنه ساجد بظله لله تعالى. قال مجاهد: إذا زالت الشمس، سجد كل شيء لله عز وجل، وكذا قال قتادة والضحاك وغيرهم، وقوله: {وَهُمْ دَاخِرُونَ} أي: صاغرون. وقال مجاهد أيضاً: سجود كل شيء فيئه، وذكر الجبال، قال: سجودها فيئها. وقال أبو غالب الشيباني: أمواج البحر صلاته، ونزلهم منزلة من يعقل، إذ أسند السجود إليهم، فقال: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ} كما قال:
{ وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَـٰلُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلأَصَالِ } [الرعد: 15]. وقوله: {وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} أي: تسجد لله، أي: غير مستكبرين عن عبادته {يَخَـٰفُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ} أي: يسجدون خائفين وجلين من الرب جل جلاله {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} أي: مثابرين على طاعته تعالى، وامتثال أوامره، وترك زواجره.