يخبر تعالى أنه لا إله إلا هو، وأنه لا ينبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، فإنه مالك كل شيء وخالقه وربه { وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًا } قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وميمون بن مهران والسدي وقتادة وغير واحد: أي: دائماً، وعن ابن عباس أيضا: أي: واجباً. وقال مجاهد: أي: خالصاً له، أي: له العبادة وحده ممن في السموات والأرض، كقوله:
{ { أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاَْرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } [آل عمران: 83] هذا على قول ابن عباس وعكرمة، فيكون من باب الخبر، وأما على قول مجاهد، فإنه يكون من باب الطلب، أي: ارهبوا أن تشركوا بي شيئاً، وأخلصوا لي الطاعة؛ كقوله تعالى: { { أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ } [الزمر: 3] ثم أخبر أنه مالك النفع والضر، وأن ما بالعباد من رزق ونعمة وعافية ونصر فمن فضله عليهم، وإحسانه إليهم { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـئَرُونَ } أي: لعلمكم أنه لا يقدر على إزالته إلا هو، فإنكم عند الضرورات تلجؤون إليه وتسألونه، وتلحون في الرغبة إليه مستغيثين به، كقوله تعالى: { { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَـٰنُ كَفُورًا } [الإسراء: 67] وقال ههنا: { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَـٰهُمْ } قيل: اللام ههنا لام العاقبة. وقيل: لام التعليل، بمعنى: قيضنا لهم ذلك؛ ليكفروا، أي: يستروا ويجحدوا نعم الله عليهم، وأنه المسدي إليهم النعم، الكاشف عنهم النقم، ثم توعدهم قائلاً: { فَتَمَتَّعُواْ } أي: اعملوا ما شئتم، وتمتعوا بما أنتم فيه قليلاً، { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي: عاقبة ذلك.