يقول تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} بأمواله، أو بثماره على القول الآخر، والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كان يحذر مما خوفه به المؤمن؛ من إرسال الحسبان على جنته التي اغتر بها، وأَلْهَته عن الله عز وجل {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا} وقال قتادة: يصفق كفيه متأسفاً متلهفاً على الأموال التي أذهبها عليها، {وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ} أي: عشيرة أو ولد، كما افتخر بهم واستعز {يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً هُنَالِكَ ٱلْوَلَـٰيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ} اختلف القراء ههنا، فمنهم من يقف على قوله: {وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً هُنَالِكَ} أي: في ذلك الموطن الذي حلّ به عذاب الله، فلا منقذ له منه، ويبتدىء بقوله: {ٱلْوَلَـٰيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ} ومنهم من يقف على {وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً} يبتدىء بقوله: {هُنَالِكَ ٱلْوَلَـٰيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ} ثم اختلفوا في قراءة الولاية، فمنهم من فتح الواو من الولاية، فيكون المعنى هنالك الموالاة لله، أي: هنالك كل أحد مؤمن أو كافر يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له إذا وقع العذاب؛ كقوله:
{ فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } [غافر: 84] وكقوله إخباراً عن فرعون: { حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي ءَامَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَٰءِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ءَالئَٰنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [يونس: 90 -91] ومنهم من كسر الواو من الولاية، أي: هنالك الحكم لله الحق، ثم منهم من رفع الحق على أنه نعت للولاية، كقوله تعالى: { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ عَسِيراً } [الفرقان: 26] ومنهم من خفض القاف على أنه نعت لله عز وجل، كقوله: { ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقِّ } [الأنعام: 62] الآية، ولهذا قال تعالى: {هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا} أي: جزاء {وَخَيْرٌ عُقْبًا} أي: الأعمال التي تكون لله عز وجل، ثوابها خير وعاقبتها حميدة رشيدة كلها خير.