يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ إِبْرَٰهِيمَ } واتل على قومك هؤلاء الذين يعبدون الأصنام، واذكر لهم ما كان من خبر إبراهيم خليل الرحمن، الذين هم من ذريته، ويدعون أنهم على ملته، وقد كان صديقاً نبياً مع أبيه: كيف نهاه عن عبادة الأصنام، فقال: { يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً } أي: لا ينفعك ولا يدفع عنك ضرراً { يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِى مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ } يقول: وإن كنت من صلبك وتراني أصغر منك لأني ولدك، فاعلم أني قد أطلعت من العلم من الله على ما لم تعلمه أنت، ولا أطلعت عليه ولا جاءك { فَٱتَّبِعْنِىۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً } أي: طريقاً مستقيماً موصلاً إلى نيل المطلوب، والنجاة من المرهوب { يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَـٰنَ } أي: لا تطعه في عبادتك هذه الأصنام، فإنه هو الداعي إلى ذلك، والراضي به؛ كما قال تعالى:
{ { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [يس: 60] وقال: { { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً } [النساء: 117]. وقوله: { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً } أي: مخالفاً مستكبراً عن طاعة ربه، فطرده وأبعده، فلا تتبعه تصر مثله { يٰأَبَتِ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ } أي: على شركك وعصيانك لما أَمرك به { فَتَكُونَ لِلشَّيْطَـٰنِ وَلِيّاً } يعني: فلا يكون لك مولى ولا ناصراً ولا مغيثاً إلا إبليس، وليس إليه ولا إلى غيره من الأمر شيء، بل اتباعك له موجب لإحاطة العذاب بك، كما قال تعالى:
{ { تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـِّنُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النحل: 63].