يخبر تعالى عن الكفار المشركين بربهم أنهم اتخذوا من دونه آلهة لتكون تلك الآلهة {عِزّاً} يعتزون بها ويستنصرونها، ثم أخبر أنه ليس الأمر كما زعموا، ولا يكون ما طمعوا، فقال: {كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـٰدَتِهِمْ} أي: يوم القيامة {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} أي: بخلاف ما ظنوا فيهم؛ كما قال تعالى:
{ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَـٰفِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } [الأحقاف: 5 - 6] وقرأ أبو نهيك: (كلٌّ سيكفرون بعبادتهم). وقال السدي: {كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـٰدَتِهِمْ} أي: بعبادة الأوثان. وقوله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} أي: بخلاف ما رجوا منهم. وقال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} قال: أعواناً. قال مجاهد: عوناً عليهم، تخاصمهم وتكذبهم. وقال العوفي عن ابن عباس: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً}، قال: قرناء. وقال قتادة: قرناء في النار، يلعن بعضهم بعضاً، ويكفر بعضهم ببعض. وقال السدي: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} قال: الخصماء الأشداء في الخصومة. وقال الضحاك: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} قال: أعداء. وقال ابن زيد: الضد: البلاء، وقال عكرمة: الضد: الحسرة.
وقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَـٰطِينَ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: تغويهم إغواء، وقال العوفي عنه: تحرضهم على محمد وأصحابه. وقال مجاهد: تشليهم إشلاء وقال قتادة: تزعجهم إزعاجاً إلى معاصي الله، وقال سفيان الثوري: تغريهم إغراء وتستعجلهم استعجالاً. وقال السدي: تطغيهم طغياناً. وقال عبد الرحمن بن زيد: هذا كقوله تعالى:
{ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [الزخرف: 36] وقوله: {فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً} أي: لا تعجل يا محمد على هؤلاء في وقوع العذاب بهم {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً} أي: إنما نؤخرهم لأجل معدود مضبوط، وهم صائرون لا محالة إلى عذاب الله ونكاله. وقال: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } [إبراهيم: 42] الآية، { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } [الطارق: 17] { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً } [آل عمران: 178] { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [لقمان: 24] { قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } [إبراهيم: 30] وقال السدي: إنما نعد لهم عداً: السنين والشهور والأيام والساعات. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً} قال: نعد أنفاسهم في الدنيا.