هذا تعجب من زكريا عليه السلام حين أجيب إلى ما سأل، وبشر بالولد، ففرح فرحاً شديداً، وسأل عن كيفية ما يولد له، والوجه الذي يأتيه منه الولد، مع أن امرأته كانت عاقراً لم تلد من أول عمرها مع كبرها، ومع أنه قد كبر وعتا، أي: عسا عظمه ونحل، ولم يبق فيه لقاح ولا جماع، والعرب تقول للعود إذا يبس: عتا يعتو عتياً وعتواً، وعسا يعسو عسواً وعسياً، وقال مجاهد: عتياً، يعني: نحول العظم، وقال ابن عباس وغيره: عتياً، يعني: الكبر، والظاهر أنه أخص من الكبر.
وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا هُشَيْم، أخبرنا حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: لقد علمت السنة كلها، غير أني لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف { وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً } أو عسياً، ورواه الإمام أحمد عن سُرَيْج بن النعمان، وأبو داود عن زياد بن أيوب، كلاهما عن هشيم به، { قَالَ } أي: الملك مجيباً لزكريا عما استعجب منه { كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ } أي: إيجاد الولد منك ومن زوجتك هذه لا من غيرها، { هَيِّنٌ } أي يسير سهل على الله، ثم ذكر له ما هو أعجب مما سأل عنه، فقال: { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } كما قال تعالى:
{ هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } [الإنسان: 1].