هذا إيجاب من الله تعالى للجهاد على المسلمين أن يكفوا شر الأعداء عن حوزة الإسلام، وقال الزهري: الجهاد واجب على كل أحد غزا أوقعد، فالقاعد عليه إذا استعين أن يعين، وإذا استغيث أن يغيث، وإذا استنفر أن ينفر، وإن لم يحتج إليه قعد. (قلت): ولهذا ثبت في الصحيح:
"من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو، مات ميتة جاهلية" وقال عليه السلام يوم الفتح: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا" وقوله: {وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} أي شديد عليكم ومشقة، وهو كذلك، فإنه إما أن يقتل أو يجرح مع مشقة السفر ومجالدة الأعداء. ثم قال تعالى: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} أي: لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء والاستيلاء على بلادهم وأموالهم وذراريهم وأولادهم. {وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ} وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئاً وليس له فيه خيرة ولا مصلحة، ومن ذلك القعود عن القتال، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم. ثم قال تعالى: {وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} أي: هو أعلم بعواقب الأمور منكم، وأخبر بما فيه صلاحكم في دنياكم وأخراكم، فاستجيبوا له، وانقادوا لأمره، لعلكم ترشدون.