يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم في عفوي عنكم، لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه عند انقضاء أمد المواعدة، وكانت أربعين يوماً، وهي المذكورة في الأعراف في قوله تعالى:
{ وَوَٰعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَـٰثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ } [الأعراف: 142] قيل: إنها ذو القعدة بكماله، وعشر من ذي الحجة، وكان ذلك بعد خلاصهم من فرعون، وإنجائهم من البحر. وقوله تعالى: { وَإِذْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ } يعني: التوراة { وَٱلْفُرْقَانَ } وهو ما يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلالة { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } وكان ذلك أيضاً بعد خروجهم من البحر؛ كما دل عليه سياق الكلام في سورة الأعراف، ولقوله تعالى: { { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون } [القصص: 43] وقيل: الواو زائدة، والمعنى ولقد آتينا موسى الكتاب الفرقان، وهذا غريب. وقيل، عطف عليه، وإن كان المعنى واحداً، كما في قول الشاعر:وقَدَّمَتِ الأَديمَ لِراقِشِيْهِفَأَلْفَى قَوْلَها كَذِباً ومَيْنا
وقال الآخر:ألا حَبَّذا هِنْدٌ وأرضٌ بها هندٌوهندٌ أتى مِنْ دونِها النَّأْيُ والبُعْدُ
فالكذب هو المين، والنأي هو البعد. وقال عنترة:حُييْتَ مِنْ طَلَلٍ تقادَمَ عَهْدُهُأَقْوَى وأَقْفَرَ بَعْدَ أُم الهَيْثَمِ
فعطف الإقفار على الإقواء، وهو هو.