ثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الصور، فقال:
"قرن ينفخ فيه" . وقد جاء في حديث الصور من رواية أبي هريرة: أنه قرن عظيم، الدائرة منه بقدر السموات والأرض، ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام. وجاء في الحديث: "كيف أنعم، وصاحب القرن، قد التقم القرن وحنى جبهته، وانتظر أن يؤذن له" فقالوا: يا رسول الله كيف نقول؟ قال: "قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا" . وقوله: { وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } قيل: معناه زرق العيون من شدة ما هم فيه من الأهوال { يَتَخَـٰفَتُونَ بَيْنَهُمْ } قال ابن عباس: يتسارون بينهم، أي: يقول بعضهم لبعض: إن لبثتم إلا عشراً، أي: في الدار الدنيا، لقد كان لبثكم فيها قليلاً، عشرة أيام أو نحوها، قال الله تعالى: { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } أي: في حال تناجيهم بينهم { إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً } أي: العاقل الكامل فيهم: { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } أي: لقصر مدة الدنيا في أنفسهم يوم المعاد؛ لأن الدنيا كلها، وإن تكررت أوقاتها وتعاقبت لياليها وأيامها وساعاتها، كأنها يوم واحد، ولهذا يستقصر الكافرون مدة الحياة الدنيا يوم القيامة، وكان غرضهم في ذلك درء قيام الحجة عليهم لقصر المدة، ولهذا قال تعالى: { { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } - إلى قوله - { وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [الروم: 55 - 56] وقال تعالى: { { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } [فاطر: 37] الآية، وقال تعالى: { { كَمْ لَبِثْتُمْ فِى ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ ٱلْعَآدِّينَ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [المؤمنون: 112 - 114] أي: إنما كان لبثكم فيها قليلاً، لو كنتم تعلمون، لآثرتم الباقي على الفاني، ولكن تصرفتم فأسأتم التصرف، قدمتم الحاضر الفاني على الدائم الباقي.