يقول تعالى رداً على من زعم أن له تعالى وتقدس ولداً من الملائكة، كمن قال ذلك من العرب: إن الملائكة بنات الله، فقال: { سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } أي: الملائكة عباد الله، مكرمون عنده في منازل عالية ومقامات سامية، وهم له في غاية الطاعة قولاً وفعلاً، { لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } أي: لا يتقدمون بين يديه بأمر، ولا يخالفونه فيما أمرهم به، بل يبادرون إلى فعله، وهو تعالى علمه محيط بهم، فلا يخفى عليه منهم خافية { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ }.
وقوله:
{ { وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ كقوله: مَن ذَا ٱلَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [البقرة: 255]. وقوله: { { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } [سبأ: 23] في آيات كثيرة في معنى ذلك، { وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ } أي: خوفه ورهبته { مُشْفِقُونَ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ } أي: من ادعى منهم أنه إله من دون الله، أي: مع الله، { فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي: كل من قال ذلك، وهذا شرط، والشرط لا يلزم وقوعه، كقوله: { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَـٰبِدِينَ } [الزخرف: 81]، وقوله: { { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [الزمر: 65].