يخبر تعالى عن نوح عليه السلام حين بعثه إلى قومه لينذرهم عذاب الله وبأسه الشديد، وانتقامه ممن أشرك به، وخالف أمره، وكذب رسله، {فَقَالَ يَٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}؟ أي: ألا تخافون من الله في إشراككم به؟ فقال الملأ، وهم السادة والأكابر منهم: {مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} يعنون: يترفع عليكم، ويتعاظم بدعوى النبوة، وهو بشر مثلكم، فكيف أوحي إليه دونكم؟ {وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلَـٰئِكَةً} أي: لو أراد أن يبعث نبياً، لبعث ملكاً من عنده، ولم يكن بشراً، ما سمعنا بهذا، أي: ببعثة البشر في آبائنا الأولين، يعنون بهذا أسلافهم وأجدادهم في الدهور الماضية. وقوله: {إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} أي: مجنون فيما يزعمه من أن الله أرسله إليكم، واختصه من بينكم بالوحي، {فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ} أي: انتظروا به ريب المنون، واصبروا عليه مدة حتى تستريحوا منه.