يقول تعالى: {ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً ءَاخَرِينَ} أي: أمماً وخلائق {مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَـأْخِرُونَ} يعني: بل يؤخذون على حسب ما قدر لهم تعالى في كتابه المحفوظ، وعلمه قبل كونهم أمة بعد أمة، وقرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، وخلفاً بعد سلف، {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} قال ابن عباس: يعني: يتبع بعضهم بعضاً، وهذا كقوله تعالى:
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلَـٰلَةُ } [النحل: 36]. وقوله: {كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ} يعني: جمهورهم وأكثرهم؛ كقوله تعالى: { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [يس: 30]. وقوله: {فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً} أي: أهلكناهم؛ كقوله: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ } [الإسراء: 17]. وقوله: {وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَحَادِيثَ} أي: أخباراً وأحاديث للناس، كقوله: { فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } [سبأ: 19].