التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً
٧٥
خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً
٧٦
قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً
٧٧
-الفرقان

تفسير القرآن العظيم

لما ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من الصفات الجميلة، والأقوال والأفعال الجليلة، قال بعد ذلك كله: { أُوْلَـٰئِكَ } أي: المتصفون بهذه { يُجْزَوْنَ } يوم القيامة { ٱلْغُرْفَةَ } وهي الجنة، قال أبو جعفر الباقر وسعيد بن جبير والضحاك والسدي: سميت بذلك لا رتفاعها { بِمَا صَبَرُواْ } أي: على القيام بذلك { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا } أي: في الجنة { تَحِيَّةً وَسَلَـٰماً } أي: يبتدرون فيها بالتحية والإكرام، ويلقون التوقير والاحترام، فلهم السلام وعليهم السلام، فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. وقوله تعالى: { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } أي: مقيمين لا يظعنون ولا يحولون ولا يموتون ولا يزولون عنها، ولا يبغون عنها حولاً، كما قال تعالى: { { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِى ٱلْجَنَّةِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ } [هود: 108] الآية.

وقوله تعالى: { حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } أي: حسنت منظراً، وطابت مقيلاً ومنزلاً، ثم قال تعالى: { قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّى } أي: لا يبالي، ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه، فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلاً. قال مجاهد وعمرو بن شعيب: { قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّى } يقول: ما يفعل بكم ربي. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: { قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّى } الآية، يقول: لولا إيمانكم. وأخبر تعالى الكفار أنه لا حاجة له بهم، إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجة، لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين.

وقوله تعالى: { فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } أيها الكافرون { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } أي: فسوف يكون تكذيبكم لزاماً لكم، يعني: مقتضياً لعذابكم وهلاككم ودماركم في الدنيا والآخرة، ويدخل في ذلك يوم بدر؛ كما فسره بذلك عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومحمد بن كعب القرظي ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم. وقال الحسن البصري: { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } أي: يوم القيامة، ولا منافاة بينهما.