التفاسير

< >
عرض

لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ
٢٨
-آل عمران

تفسير القرآن العظيم

نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين، وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك، فقال تعالى: { وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَىْءٍ } أي: ومن يرتكب نهي الله في هذا، فقد برىء من الله، كما قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } إلى أن قال: { وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }، وقال تعالى: { { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْكَـٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } [النساء: 144]، وقال تعالى: { { يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } [المائدة: 51] الآية، وقال تعالى بعد ذكر موالاة المؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب: { { وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى ٱلاَْرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } [الأنفال: 73]، وقوله تعالى: { إِلاَ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً } أي: إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره، لا بباطنه ونيته، كما قال البخاري عن أبي الدرداء: أنه قال: إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم. وقال الثوري: قال ابن عباس: ليس التقية بالعمل، إنما التقية باللسان، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس: إنما التقية باللسان، وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحاك والربيع بن أنس. ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: { { مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَـٰنِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَـٰنِ } [النحل: 106] الآية. وقال البخاري: قال الحسن: التقية إلى يوم القيامة، ثم قال تعالى: { وَيُحَذِّرْكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } أي: يحذركم نقمته في مخالفته وسطوته وعذابه لمن والى أعداءه، وعادى أولياءه. ثم قال تعالى: { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } أي: إليه المرجع والمنقلب ليجازي كل عامل بعمله. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون بن مهران، قال: قام فينا معاذ بن جبل، فقال: يا بني أود، إني رسول رسول الله إليكم، تعلمون أن المعاد إلى الجنة أو إلى النار.