التفاسير

< >
عرض

وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٤٦
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ
٤٧
-الروم

تفسير القرآن العظيم

يذكر تعالى نعمه على خلقه في إرسال الرياح مبشرات بين يدي رحمته بمجيء الغيث عقبها، ولهذا قال تعالى: { وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ } أي: المطر الذي ينزله، فيحيي به العباد والبلاد، { وَلِتَجْرِىَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ } أي: في البحر، وإنما سيرها بالريح، { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي: في التجارات والمعايش والسير من إقليم إلى إقليم، وقطر إلى قطر، { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي: تشكرون الله على ما أنعم به عليكم من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى. ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } هذه تسلية من الله تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه، وإن كذبه كثير من قومه ومن الناس، فقد كذبت الرسل المتقدمون، مع ما جاؤوا أممهم به من الدلائل الواضحات، ولكن انتقم الله ممن كذبهم وخالفهم، وأنجى المؤمنين بهم، { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } أي: هو حق أوجبه على نفسه الكريمة تكرماً وتفضلاً؛ كقوله تعالى: { { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } [الأنعام: 54] وروى ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن نفيل، حدثنا موسى بن أعين عن ليث عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرىء مسلم يرد عن عرض أخيه، إلا كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة" ثم تلا هذه الآية { ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ }.