تقدم في سورة البقرة عامة الكلام على ما يتعلق بصدر هذه السورة، وهو أنه سبحانه وتعالى جعل هذا القرآن هدى وشفاء ورحمة للمحسنين، وهم الذين أحسنوا العمل في اتباع الشريعة، فأقاموا الصلاة المفروضة بحدودها وأوقاتها، وما يتبعها من نوافل راتبة وغير راتبة، وآتوا الزكاة المفروضة عليهم إلى مستحقيها، ووصلوا أرحامهم وقراباتهم، وأيقنوا بالجزاء في الدار الآخرة، فرغبوا إلى الله في ثواب ذلك، لم يراؤوا به، ولا أرادوا جزاء من الناس ولا شكوراً، فمن فعل ذلك كذلك، فهو من الذين قال الله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ } أي: على بصيرة وبينة ومنهج واضح جلي، { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } أي: في الدنيا والآخرة.