يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين بتقواه، وأن يعبدوه عبادة من كأنه يراه، وأن يقولوا { قَوْلاً سَدِيداً } أي: مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك، أثابهم عليه بأن يصلح لهم أعمالهم، أي: يوفقهم للأعمال الصالحة، وأن يغفر لهم الذنوب الماضية. وما قد يقع منهم في المستقبل يلهمهم التوبة منها. ثم قال تعالى: { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } وذلك أنه يجار من نار الجحيم، ويصير إلى النعيم المقيم. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن عوف، حدثنا خالد عن ليث عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر، فلما انصرف، أومأ إلينا بيده، فجلسنا فقال:
"إن الله تعالى أمرني أن آمركم أن تتقوا الله، وتقولوا قولاً سديداً" ثم أتى النساء فقال: "إن الله أمرني أن آمركن أن تتقين الله، وتقلن قولاً سديداً" . وقال ابن أبي الدنيا في كتاب "التقوى": حدثنا محمد بن عباد بن موسى، حدثنا عبد العزيز بن عمران الزهري، حدثنا عيسى بن سبرة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر إلا سمعته يقول: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } الآية، غريب جداً، وروى من حديث عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن محمد ابن كعب عن ابن عباس موقوفاً: من سره أن يكون أكرم الناس، فليتق الله، قال عكرمة: القول السديد: لا إله إلا الله. وقال غيره: السديد: الصدق. وقال مجاهد: هو السداد. وقال غيره: هو الصواب. والكل حق.