يخبر تعالى عن نفسه الكريمة أن له الحمد المطلق في الدنيا والآخرة، لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة، المالك لجميع ذلك، الحاكم في جميع ذلك، كما قال تعالى:
{ وَهُوَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلأُولَىٰ وَٱلآخِرَةِ وَلَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [القصص: 70] ولهذا قال تعالى ههنا: {ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ} أي: الجميع ملكه وعبيده وتحت تصرفه وقهره، كما قال تعالى: { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } [الليل: 13]، ثم قال عز وجل: {وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِى ٱلآخِرَةِ} فهو المعبود أبداً، المحمود على طول المدى. وقوله تعالى: {وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ} أي: في أقواله وأفعاله، وشرعه وقدره {ٱلْخَبِيرُ} الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يغيب عنه شيء، وقال مالك عن الزهري: خبير بخلقه، حكيم بأمره، ولهذا قال عز وجل: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} أي: يعلم عدد القطر النازل في أجزاء الأرض، والحب المبذور، والكامن فيها، ويعلم ما يخرج من ذلك؛ عدده وكيفيته وصفاته {وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ} أي: من قطر ورزق، وما يعرج فيها، أي: من الأعمال الصالحة وغير ذلك، {ٱلرَّحِيمُ ٱلْغَفُورُ} أي: الرحيم بعباده، فلا يعاجل عصاتهم بالعقوبة، الغفور عن ذنوب التائبين إليه، المتوكلين عليه.