يخبر تعالى: أنه يقرع المشركين يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فيسأل الملائكة الذين كان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الأنداد التي هي على صورهم؛ ليقربوهم إلى الله زلفى، فيقول للملائكة: { أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ }؟ أي: أنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم؛ كما قال تعالى في سورة الفرقان:
{ ءَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى هَـٰؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ } [الفرقان: 17] وكما يقول لعيسى عليه الصلاة والسلام: { { ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالَ سُبْحَـٰنَكَ مَا يَكُونُ لِىۤ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ } [المائدة: 116] وهكذا تقول الملائكة: { سُبْحَـٰنَكَ } أي: تعاليت وتقدست عن أن يكون معك إله، { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } أي: نحن عبيدك، ونبرأ إليك من هؤلاء { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } يعنون: الشياطين؛ لأنهم هم الذين زينوا لهم عبادة الأوثان، وأضلوهم { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } كما قال تبارك وتعالى: { { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً * لَّعَنَهُ ٱللهُ } [النساء: 117 ــــ 118] قال الله عز وجل: { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } أي: لا يقع لكم نفع ممن كنتم ترجون نفعه اليوم من الأنداد والأوثان التي ادخرتم عبادتها لشدائدكم وكربكم، اليوم لايملكون لكم نفعاً ولا ضراً، { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } وهم المشركون: { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } أي: يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً.