التفاسير

< >
عرض

يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ
١٣
إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ
١٤
-فاطر

تفسير القرآن العظيم

وهذا أيضاً من قدرته التامة وسلطانه العظيم في تسخيره الليل بظلامه، والنهار بضيائه، ويأخذ من طول هذا، فيزيده في قصر هذا، فيعتدلان، ثم يأخذ من هذا في هذا، فيطول هذا، ويقصر هذا، ثم يتقارضان صيفاً وشتاء، { وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } أي: والنجوم السيارات، والثوابت الثاقبات بأضوائهن أجرام السمٰوات، الجميع يسيرون بمقدار معين، وعلى منهاج مقنن محرر؛ تقديراً من عزيز عليم { كُلٌّ يَجْرِى لأَجَلٍ مُّسَمّـىً } أي: إلى يوم القيامة { ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ } أي: الذي فعل هذا هو الرب العظيم الذي لا إله غيره { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ } أي: من الأصنام والأنداد التي هي على صورة من تزعمون من الملائكة المقربين { مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } قال ابن عباس رضي الله عنهما، ومجاهد وعكرمة وعطاء وعطية العوفي والحسن وقتاده وغيرهم: القطمير: هو اللفافة التي تكون على نواة التمرة، أي: لا يملكون من السمٰوات والأرض شيئاً، ولا بمقدار هذا القطمير.

ثم قال تعالى: { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ } يعني: الآلهة التي تدعونها من دون الله لا تسمع دعاءكم؛ لأنها جماد لا أرواح فيها، { وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ } أي: لا يقدرون على شيء مما تطلبون منها، { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ } أي: يتبرؤون منكم؛ كما قال تعالى: { { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَـٰفِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } [الأحقاف: 5 ــــ 6] وقال تعالى: { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءالِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـٰدَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [مريم: 81 ــــ 82]. وقوله تعالى: { وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } أي: ولا يخبرك بعواقب الأمور ومآلها، وما تصير إليه، مثل خبير بها. قال قتادة: يعني نفسه تبارك وتعالى، فإنه أخبر بالواقع لا محالة.