التفاسير

< >
عرض

وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ
٤
يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ
٥
إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
٦
-فاطر

تفسير القرآن العظيم

ويقول تبارك وتعالى: { وَإِن يُكَذِّبُوكَ } يا محمد هؤلاء المشركون بالله، ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد، فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة، فإنهم كذلك جاؤوا قومهم بالبينات، وأمروهم بالتوحيد، فكذبوهم وخالفوهم، { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } أي: وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء. ثم قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أي: المعاد كائن لا محالة، { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا } أي: العيشة الدنيئة بالنسبة إلى ما أعد الله لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم، فلا تتلهوا عن ذلك الباقي بهذه الزهرة الفانية، { وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } وهو الشيطان، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، أي: لا يفتننكم الشيطان ويصرفنكم عن اتباع رسل الله، وتصديق كلماته، فإنه غرار كذاب أفاك، وهذه الآية كالآية التي في آخر لقمان: { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } وقال مالك عن زيد بن أسلم: هو الشيطان؛ كما قال المؤمنون للمنافقين يوم القيامة حين يضرب { { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } [الحديد: 13 ــــ 14]

ثم بين تعالى عداوة إبليس لابن آدم فقال: { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً } أي: هو مبارز لكم بالعداوة، فعادوه أنتم أشد العداوة، وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به، { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ } أي: إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير، فهذا هو العدو المبين. نسأل الله القوي العزيز أن يجعلنا أعداء الشيطان، وأن يرزقنا اتباع كتاب الله، والاقتفاء بطريق رسله، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وهذه كقوله تعالى: { { وَإِذَا قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآِدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلاً } [الكهف: 50].