قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الحجر: الحرام؛ مما حرموا من الوصيلة وتحريم ما حرموا، وكذلك قال مجاهد والضحاك والسدي وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهما. وقال قتادة: { وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَـٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } تحريم كان عليهم من الشياطين في أموالهم، وتغليظ وتشديد، ولم يكن من الله تعالى، وقال ابن زيد بن أسلم: { حِجْرٌ } إنما احتجروها لآلهتهم، وقال السدي: { لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ } يقولون: حرام أن يطعم إلا من شئنا. وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى:
{ { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ } [يونس: 59] وكقوله تعالى: { { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [المائدة: 103] وقال السدي: أما الأنعام التي حرمت ظهورها، فهي البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وأما الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها، لا إذا ولدوها، ولا إن نحروها. وقال أبو بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود: قال لي أبو وائل: أتدري ما في قوله: { وَأَنْعَـٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَـٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا }؟ قلت: لا، قال: هي البحيرة، كانوا لا يحجون عليها. وقال مجاهد: كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها، ولا في شيء من شأنها، لا إن ركبوا، ولا إن حلبوا، ولا إن حملوا، ولا إن نتجوا، ولا إن عملوا شيئاً { ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ } أي: على الله، وكذباً منهم في إسنادهم ذلك إلى دين الله وشرعه؛ فإنه لم يأذن لهم في ذلك، ولا رضيه منهم { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي: عليه، ويسندون إليه.