يقول تعالى واعظاً لهؤلاء المنافقين المكذبين للرسل: {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} أي: ألم تخبروا خبر من كان قبلكم من الأمم المكذبة للرسل {قَوْمِ نُوحٍ} وما أصابهم من الغرق العام لجميع أهل الأرض، إلا من آمن بعبده ورسوله نوح عليه السلام، {وَعَادٍ} كيف أهلكوا بالريح العقيم لما كذبوا هوداً عليه السلام، {وَثَمُودَ} كيف أخذتهم الصيحة لما كذبوا صالحاً عليه السلام، وعقروا الناقة، {وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ} كيف نصره الله عليهم، وأيده بالمعجزات الظاهرة عليهم، وأهلك ملكهم نمروذ بن كنعان بن كوش الكنعاني، لعنه الله، {وِأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ} وهم قوم شعيب عليه السلام، وكيف أصابتهم الرجفة وعذاب يوم الظلة، {وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ} قوم لوط وقد كانوا يسكنون في مدائن، وقال في الآية الأخرى:
{ وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } [النجم: 53] أي: الأمة المؤتكفة، وقيل: أم قراهم، وهي سدوم، والغرض أن الله تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم نبي الله لوط عليه السلام، وإتيانهم الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين، {أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ} أي: بالحجج والدلائل القاطعات، {فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} أي: بإهلاكه إياهم؛ لأنه أقام عليهم الحجة بإرسال الرسل، وإزاحة العلل، {وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أي: بتكذيبهم الرسل، ومخالفتهم الحق، فصاروا إلى ما صاروا إليه من العذاب والدمار.