وهذا أيضاً خبر من الله عن قـيـل نوح لقومه أنه قال لهم: { يا قَوْمِ لا أسْألُكمْ } علـى نصيحتـي لكم ودعايتكم إلـى توحيد الله، وإخلاص العبـادة له مالاً: أجراً علـى ذلك، فتتهمونـي فـي نصيحتـي، وتظنون أن فعلـي ذلك طلب عرَض من أعراض الدنـيا. { إنْ أجْرِيَ إلاَّ علـى اللَّهِ } يقول: ما ثواب نصيحتـي لكم ودعايتكم إلـى ما أدعوكم إلـيه، إلا علـى الله، فإنه هو الذي يجازينـي ويثـيبنـي علـيه. { وَما أنا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا } وما أنا بـمقص من آمن بـالله وأقرّ بوحدانـيته وخـلع الأوثان وتبرأ منها بأن لـم يكونوا من عِلْـيتكم وأشرافكم. { إنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ } يقول: إن هؤلاء الذين تسألونـي طردهم صائرون إلـى الله، والله سائلهم عما كانوا فـي الدنـيا يعملون، لا عن شرفهم وحسبهم.
وكان قـيـل نوح ذلك لقومه، لأن قومه قالوا له، كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله: { وَما أنا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ } قال: قالوا له: يا نوح إن أحببت أن نتبعك فـاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نـحن وهم فـي الأمر سواء فقال: { ما أنا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ } فـيسألهم عن أعمالهم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، وحدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح جميعاً، عن مـجاهد، قوله: { إنْ أجْرِيَ إلاَّ علـى اللَّهِ } قال: جزائي.
حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.
قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.
وقوله: { وَلَكِنِّـي أرَاكُمْ قَوْماً تَـجْهَلُونَ } يقول: ولكنـي أيها القوم أراكم قوما تـجهلون الواجب علـيكم من حقّ الله واللازم لكم من فرائضه، ولذلك من جهلكم سألتـمونـي أن أطرد الذين آمنوا بـالله.