يقول تعالـى ذكره: ولهؤلاء الكفـار من قريش أعمال من دون ذلك هم لها عاملون، إلـى أن يؤخذ أهل النّعمة والبطر منهم بـالعذاب. كما:
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد:{ إذَا أخَذْنا مُتْرَفِـيهِمْ بـالعَذابِ }، قال: الـمُتْرَفُون: العظماء.{ إذَا هُمْ يَجْئَرُونَ } يقول: فإذا أخذناهم به جأروا، يقول: ضجُّوا واستغاثوا مـما حلّ بهم من عذابنا.
ولعلّ الـجُؤار: رفع الصوت، كما يجأر الثور ومنه قول الأعشى:
يُرَاوِحُ مِنْ صَلَوَاتِ الـمَلِـي كِ طَوْرا سُجُودا وَطَوْرا جُؤَارَ
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس:{ إذَا هُمْ يَجأَرُونَ } يقول: يستغيثون.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا: ثنا سفـيان، عن علقمة بن قردد، عن مـجاهد، فـي قوله:{ حتـى إذَا أخَذْنا مُتْرَفِـيهم بـالعَذَابِ إذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } قال: بـالسيوف يوم بدر.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن أبـي جعفر، عن الربـيع بن أنس، فـي قوله:{ إذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } قال: يجزعون.
قال: ثنا حجاج، عن ابن جُرَيج:{ حتـى إذَا أخَذْنا مُتْرَفِـيهمْ بـالعَذَابِ } قال: عذاب يوم بدر. { إذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } قال: الذين بـمكة.
حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله:{ حتَّـى إذَا أخَذْنا مُتْرَفِـيهِمْ بـالعَذَابِ } يعنـي أهل بدر، أخذهم الله بـالعذاب يوم بدر.
حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول فـي قوله: { إذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } قال: يجزعون.
وقوله:{ لا تَـجْأَرُوا الـيَوْمَ } يقول: لا تضجُّوا وتستغيثوا الـيوم وقد نزل بكم العذاب الذي لا يدفع عن الذين ظلـموا أنفسهم، فإن ضجيجكم غير نافعكم ولا دافع عنكم شيئاً مـما قد نزل بكم من سخط الله. { إنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ } يقول: إنكم من عذابنا الذي قد حلّ بكم لا تستنقذون، ولا يخـلصكم منه شيء.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن أبـي جعفر، عن الربـيع بن أنس:{ لا تَـجْأَرُوا الـيَوْمَ }: لا تـجزعوا الـيوم.
حدثنـي يونس، قال: أخبرنا الربـيع بن أنس:{ لا تَـجْأَرُوا الـيَوْمَ } لا تـجزعوا الآن حين نزل بكم العذاب، إنه لا ينفعكم، فلو كان هذا الـجزع قبلُ نفعكم.