يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: اتبع يا محمد ما أمرك به ربك في وحيه الذي أوحاه إليك، فاعمل به، وانزجر عما زجرك عنه فيه، ودع ما يدعوك إليه مشركو قومك من عبادة الأوثان والأصنام، فإنه { لا إله إلاَّ هُوَ } يقول: لا معبود يستحقّ عليك إخلاص العبادة له إلا الله الذي هو فالق الحبّ والنوى وفالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسباناً. { وَأعْرِضْ عَنِ المُشركينَ }، يقول: ودع عنك جدالهم وخصومتهم. ثم نسخ ذلك جلّ ثناؤه بقوله في براءة:
{ { فاقْتُلُوا المُشْركِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } }... الآية. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس، أما قوله: { وأعْرضْ عَن المُشْركِينَ } ونحوه مما أمر الله المؤمنين بالعفو عن المشركين، فإنه نسخ ذلك قوله:
{ { اقْتُلُوا المُشْركِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } }. القول في تأويل قوله تعالى: { وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيهِمْ حَفِيظاً وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ }.
يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أعرض عن هؤلاء المشركين بالله، ودع عنك جدالهم وخصومتهم ومسابَّتهم. { وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أشْرَكُوا } يقول: لو أرادوا بك هدايتهم واستنقاذهم من ضلالتهم للطف لهم بتوفيقه إياهم فلم يشركوا به شيئاً ولا آمنوا بك فاتبعوك وصدّقوا ما جئتهم به من الحقّ من عند ربك. { وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } يقول جلّ ثناؤه: وإنما بعثتك إليهم رسولاً مبلغاً، ولم نبعثك حافظاً عليهم ما هم عاملوه وتحصي ذلك عليهم، فإن ذلك إلينا دونك. { وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ } يقول: ولست عليهم بقيم تقوم بأرزاقهم وأقواتهم، ولا بحفظهم فيما لم يجعل إليك حفظه من أمرهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: { وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أشْرَكُوا } يقول سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.