يقول تعالى ذكره: { اللَّهُ } الذي لا تصلح الألوهية إلا له أيها المشركون به من قريش { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأنْعامَ } من الإبل والبقر والغنم والخيل، وغير ذلك من البهائم التي يقتنيها أهل الإسلام لمركب أو لمطعم { لِتَرْكَبُوا مِنْها } يعني: الخيل والحمير { وَمِنْها تَأكُلُونَ } يعني الإبل والبقر والغنم. وقال: { لِتَرْكَبُوا مِنْها } ومعناه: لتركبوا منها بعضاً ومنها بعضاً تأكلون، فحذف استغناء بدلالة الكلام على ما حذف.
وقوله: { وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ } وذلك أن جعل لكم من جلودها بيوتاً تستخفونها يوم ظعنكم، ويوم إقامتكم، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين.
وقوله: { وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةَ في صُدُورِكُمْ } يقول: ولتبلغوا بالحمولة على بعضها، وذلك الإبل حاجة في صدروكم لم تكونوا بالغيها لولا هي، إلا بشقّ أنفسكم، كما قال جلّ ثناؤه:
{ { وَتحْمِلُ أثْقالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إلاَّ بِشِقّ الأنْفُسِ } }. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً في صُدُورِكُمْ } يعني الإبل تحمل أثقالكم إلى بلد.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةَ في صُدُورِكُمْ } لحاجتكم ما كانت.
وقوله: { وَعَلَيْها } يعني: وعلى هذه الإبل، وما جانسها من الأنعام المركوبة { وَعَلى الفُلْكِ } يعني: وعلى السفن { تُحْمَلُونَ } يقول نحملكم على هذه في البرّ، وعلى هذه في البحر { ويُرِيكُمْ آياتِهِ } يقول: ويريكم حججه، { فأيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكَرونَ } يقول: فأي حجج الله التي يريكم أيها الناس. في السماء والأرض تنكرون صحتها، فتكذّبون من أجل فسادها بتوحيد الله، وتدعون من دونه إلهاً.