التفاسير

< >
عرض

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
١٣٣
-الأعراف

جامع البيان في تفسير القرآن

اختلف أهل التأويـل فـي معنى الطوفـان، فقال بعضهم: هو الـماء. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي ابن وكيع، قال: ثنا حَبَوية الرازي، عن يعقوب القُمي، عن جعفر، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال: لـما جاء موسى بـالآيات، كان أوّل الآيات الطوفـان، فأرسل الله علـيهم السماء.

حدثنا أبو هشام الرفـاعي، قال: ثنا ابن يـمان، قال: ثنا سفـيان، عن إسماعيـل، عن أبـي مالك، قال: الطوفـان: الـماء.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا الـمـحاربـي، عن جويبر، عن الضحاك، قال: الطُّوفـان: الـماء.

قال: ثنا جابر بن نوح، عن أبـي روق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس، قال: الطوفـان: الغرق.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد قال: الطوفـان الـماء والطاعون علـى كلّ حال.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: الطوفـان الـموت علـى كلّ حال.

حدثنا مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قال: الطوفـان: الـماء.

وقال آخرون: بل هو الـموت. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو هشام الرفـاعي، قال: ثنا يحيى بن يـمان، قال: ثنا الـمنهال بن خـلـيفة، عن الـحجاج، عن الـحَكَم بن ميناء، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الطُّوفـانُ الـمَوْتُ" .

حدثنـي عبـاس بن مـحمد، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: سألت عطاء ما الطوفـان؟ قال: الـموت.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عطاء عمن حدّثه، عن مـجاهد، قال: الطوفـان: الـموت.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن عبد الله بن كثـير: { فَأرْسَلْنا عَلْـيهِمُ الطوفـانَ } قالَ: الـموت. قال ابن جريج: وسألت عطاء عن الطوفـان، قال: الـموت. قال ابن جريج: وقال مـجاهد: الـموت علـى كلّ حال.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن يـمان، عن الـمنهال بن خـلـيفة، عن حجاج، عن رجل، عن عائشة، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال: "الطوفـانُ الـمَوْتُ" .

وقال آخرون: بل ذلك كان أمراً من الله طاف بهم. ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا جرير،عن قابوس بن أبـي ظَبْـيان، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: { فَأرْسَلْنا عَلْـيهِمْ الطوفـانَ } قال: أمر الله الطوفـان، ثم قال: { { فَطافَ عَلَـيْها طائفٌ مِن رَبِّكَ وَهُمْ نائمُونَ } .

وكان بعض أهل الـمعرفة بكلام العرب من أهل البصرة، يزعم أن الطوفـان من السيـل البُعاق والدُّبـاش، وهو الشديد، ومن الـموت الـمتتابع الذريع السريع. وقال بعضهم: هو كثرة الـمطر والريح. وكان بعض نـحويِّـي الكوفـيـين يقول: الطوفـان مصدر مثل الرُّجْحان والنُّقْصان لا يجمع. وكان بعض نـحويـي البصرة يقول: هو جمع، واحدها فـي القـياس: الطوفـانة.

والصواب من القول فـي ذلك عندي، ما قاله ابن عبـاس علـى ما رواه] عنه أبو ظَبْـيان أنه أمر من الله طاف بهم، وأنه مصدر من قول القائل: طاف بهم أمر الله يطوف طوفـاناً، كما يقال: نقص هذا الشيء ينقص نُقْصانا. وإذا كان ذلك كذلك، جاز أن يكون الذي طاف بهم الـمطر الشديد، وجاز أن يكون الـموت الذريع. ومن الدلالة علـى أن الـمطر الشديد قد يسمى طوفـانا قول الـحسن بن عرفطة:

غَيِّرَ الـجِدَّةَ مِنْ آياتِهَاخُرُقُ الرّيحِ وَطُوفـانُ الـمَطَرْ

ويروى: «خُرُق الريح بطوفـان الـمطر» وقول الراعي:

تُضْحِي إذا العِيسُ أدْرَكنا نَكائِثَهاخَرْقاءَ يعْتادُها الطوفـانُ والزُّؤُدُ

وقول أبـي النـجم:

قَدْ مَدَّ طُوْفـانٌ فَبَثَّ مَدَدَاشَهْراً شَآبِـيبَ وشَهْراً بَرَدَا

وأما القُمَّل، فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي معناه، فقال بعضهم: هو السوس الذي يخرج من الـحنطة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن يعقوب القُمَّي، عن جعفر، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال: القُمَّل: هو السوس الذي يخرج من الـحنطة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بنـحوه.

وقال آخرون: بل هو الَّدبَـي، وهو صغار الـجراد الذي لا أجنـحة له. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس، قال: القمل: الدَّبـي.

حدثنـي موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: الدَّبـي: القُمَّل.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: القمل: هو الدَّبـي.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: القمل: الدَّبـي.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، قال: ثنا معمر، عن قتادة، قال: القمل: هي الدَّبَـي، وهي أولاد الـجراد.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جابر بن نوح، عن أبـي روق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس، قال: القمل: الدبـي.

قال ثنا يحيى بن آدم، عن قـيس عمن ذكره، عن عكرمة، قال: القمل: بنات الـجراد.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قال: القمل: الدّبـي.

وقال آخرون: بل القمل: البراغيث. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { فَأرْسَلْنا عَلْـيهِمْ الطوفـانَ والـجَرَادَ والقُمَّلَ } قال: زعم بعض الناس فـي القمل أنها البراغيث.

وقال بعضهم: هي دوابّ سود صغار. ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن أبـي بكر، قال: سمعت سعيد بن جبـير والـحسن قالا: القمل: دوابّ سود صغار.

وكان بعض أهل العلـم بكلام العرب من أهل البصرة يزعم أن القمل عند العرب: الجمنان، والحمنان: ضرب من القردان؛ واحدتها: حمنانة فوق القمقمامة، والقمل جمع واحدتها: قملة: وهي دابة تشبه القمل تأكلها الإبل، فيما بلغني وهي التي عناها الأعمش في قوله:

قَوْمٌ تُعالِجُ قُمَّلاً أبْنَاؤهُمْ وَسَلاسِلاً أجِّداً وَبـابـا مُؤْصَدَاً

وكان الفرّاء يقول: لـم أسمع فـيه شيئاً، فإن لـم يكن جمعا فواحده قامل، مثل ساجد وراكع، وإن يكن اسماً علـى معنى جمع، فواحدته: قمَّلة.ذكر الـمعانـي التـي حدثت فـي قوم فرعون بحدوث هذه الآيات

والسبب الذي من أجله أحدثها الله فـيهم

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القُمي، عن جعفر بن الـمغيرة، عن سعيد بن جبـير، قال: لـما أتـى موسى فرعون، قال له: أرسل معي بنـي إسرائيـل فأبى علـيه، فأرسل الله علـيهم الطوفـان، وهو الـمطر، فصبّ علـيهم منه شيئاً، فخافوا أن يكون عذابـاً، فقالوا لـموسى: ادع لنا ربك، لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك، ولنرسلنّ معك بنـي إسرائيـل فدعا ربه، فلـم يؤمنوا، ولـم يرسلوا معه بنـي إسرائيـل. فأنبت لهم فـي تلك السنة شيئا لـم ينبته قبل ذلك من الزرع والثمر والكلإ، فقالوا: هذا ما كنا نتـمنى فأرسل الله علـيهم الـجراد، فسلَّطه علـى الكلإ. فلـما رأوا أثره فـي الكلإ عرفوا أنه لا يبقـى الزرع، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك فـيكشف عنا الـجراد، فنؤمن لك، ونرسل معك بنـي إسرائيـل فدعا ربه، فكشف عنهم الـجراد، فلـم يؤمنوا، ولـم يرسلوا معه بنـي إسرائيـل، فداسوا وأحرزوا فـي البـيوت، فقالوا: قد أحرزنا. فأرسل الله علـيهم القمل، وهو السوس الذي يخرج منه، فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلـى الرحى، فلا يردّ منها ثلاثة أقـفزة، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا القمل، فنؤمَن لك، ونرسل معك بنـي إسرائيـل فدعا ربه، فكشف عنهم، فأبوا أن يرسلوا معه بنـي إسرائيـل. فبـينا هو جالس عند فرعون إذ سمع نقـيق ضفدع، فقال لفرعون: ما تلقـى أنت وقومك من هذا؟ فقال: وما عسى أن يكون كيد هذا؟ فما أمسوا حتـى كان الرجل يجلس إلـى ذقنه فـي الضفـادع، ويهمّ أن يتكلـم فتثب الضفـادع فـي فـيه، فقالوا لـموسى: ادع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفـادع، فنؤمن لك، ونرسل معك بنـي إسرائيـل فكشف عنهم فلـم يؤمنوا فأرسل الله علـيهم الدم، فكان ما استقوا من الأنهار والآبـار، أو ما كان فـي أوعيتهم وجدوه دماً عبـيطاً، فشكوا إلـى فرعون فقالوا: إنا قد ابتلـينا بـالدم، ولـيس لنا شراب. فقال: إنه قد سحركم. فقالوا: من أين سحرنا ونـحن لا نـجد فـي أوعيتنا شيئا من الـماء إلاَّ وجدناه دماً عبـيطاً؟ فأتوه فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم، فنؤمن لك، ونرسل معك بنـي إسرائيـل فدعا ربه، فكشِف عنهم، فلـم يؤمنوا، ولـم يرسلوا معه بنـي إسرائيـل.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حبوية الرازي، عن يعقوب القمي، عن جعفر، عن ابن عبـاس، قال: لـما خافوا الغرق، قال فرعون: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الـمطر فنؤمن لك، ثم ذكر نـحو حديث ابن حميد، عن يعقوب.

حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: ثم إن الله أرسل علـيهم، يعنـي علـى قوم فرعون الطوفـان، وهو الـمطر، فغرق كلّ شيء لهم، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا، ونـحن نؤمن لك، ونرسل معك بنـي إسرائيـل فكشف الله عنهم ونبتت به زروعهم، فقالوا: ما يسرّنا أنا لـم نـمطرَ. فبعث الله علـيهم الـجراد، فأكل حروثهم، فسألوا موسى أن يدعوَ ربه فـيكشفه ويؤمنوا به. فدعا فكشفه، وقد بقـي من زروعهم بقـية، فقالوا: لـم تؤمنون وقد بقـي من زرعنا بقـيَّة تكفـينا؟ فبعث الله علـيهم الدَّبَى، وهو القمل، فلـحس الأرض كلها، وكان يدخـل بـين ثوب أحدهم وبـين جلده فـيعضّه، وكان لأحدهم الطعام فـيـمتلـىء دبى، حتـى إن أحدهم لـيبنى الأسطوانة بـالـجصّ فـيزلقها، حتـى لا يرتقـي فوقها شيء، يرفع فوقها الطعام، فإذا صعد إلـيه لـيأكله وجده ملآن دبى، فلـم يصابوا ببلاء كان أشدّ علـيهم من الدبى، وهو الرجز الذي ذكر الله فـي القرآن أنه وقع علـيهم. فسألوا موسى أن يدعو ربه، فـيكشف عنهم، ويؤمنوا به. فلـما كشف عنهم أبوا أن يؤمنوا، فأرسل الله علـيهم الدم، فكان الإسرائيـلـي يأتـي هو والقبطي يستقـيان من ماء واحد، فـيخرج ماء هذا القبطي دما، ويخرج للإسرائيـلـي ماء. فلـما اشتدّ ذلك علـيهم سألوا موسى أن يكشفه ويؤمنوا به، فكشف ذلك، فأبوا أن يؤمنوا، وذلك حين يقول الله: فَلَـمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ العَذَابَ إذَا هُمْ يَنْكُثُونَ.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { فَأرْسَلْنا عَلَـيْهِمُ الطُّوفـانَ } قال: أرسل الله علـيهم الـماء حتـى قاموا فـيه قـياما. ثم كشف عنهم، فلـم يؤمنوا، وأخصبت بلادهم خصبـاً لـم تـخصب مثله. فأرسل الله علـيه الـجراد فأكله إلاَّ قلـيلاً، فلـم يؤمنوا أيضاً. فأرسل الله القُمَّل وهي الدبى، وهو أولاد الـجراد، فأكلت ما بقـي من زروعهم، فلـم يؤمنوا. فأرسل علـيهم الضفـادع، فدخـلت علـيهم بـيوتهم، ووقعت فـي آنـيتهم وفرشهم، فلـم يؤمنوا. ثم أرسل الله علـيهم الدم، فكان أحدهم إذا أراد أن يشرب تـحوّل ذلك الـماء دما، قال الله: { آياتٍ مُفَصَّلاتٍ }.

حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فَأَرْسَلْنا عَلَـيْهِمُ الطُّوفـانَ } حتـى بلغ: { مُـجْرِمِينَ } قال: أرسل الله علـيهم الـماء حتـى قاموا فـيه قـياما، فدعوا موسى فدعا ربه، فكشف عنهم، ثم عادوا لسَوْءِ ما يحضر بهم، ثم أنبتت أرضهم. ثم أرسل الله علـيهم الـجراد، فأكل عامة حروثهم وثمارهم، ثم دعوا موسى فدعا ربه فكشف عنهم. ثم عادوا بشرّ ما يحضر بهم، فأرسل الله علـيهم القُمَّل، هذا الدبى الذي رأيتـم، فأكل ما أبقـى الـجراد من حروثهم، فلـحسه. فدعوا موسى، فدعا ربه، فكشفه عنهم، ثم عادوا بشرّ ما يحضر بهم. ثم أرسل الله علـيهم الضفـادع، حتـى ملأت بـيوتهم وأفنـيتهم، فدعوا موسى، فدعا ربه فكشف عنهم. ثم عادوا بشرّ ما يحضر بهم، فأرسل الله علـيهم الدم، فكانوا لا يغترفون من مائهم إلاَّ دما أحمر، حتـى لقد ذكر أن عدوّ الله فرعون كان يجمع بـين الرجلـين علـى الإناء الواحد، القبطي والإسرائيـلـي، فـيكون مـما يـلـي الإسرائيـلـي ماء، ومـما يـلـي القبطي دماً. فدعوا موسى، فدعا ربه، فكشفه عنهم فـي تسع آيات: السنـين، ونقص من الثمرات، وأراهم يد موسى علـيه السلام وعصاه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس: { فأرْسَلْنا عَلَـيْهِمُ الطُّوفـانَ } وهو الـمطر حتـى خافوا الهلاك، فأتوْا موسى، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا الـمطر، فإنا نؤمن لك، ونرسل معك بنـي إسرائيـل فدعا ربه، فكشف عنهم الـمطر، فأنبت الله به حرثهم، وأخصب به بلادهم، فقالوا: ما نـحبّ أنا لـم نـمطر بترك ديننا، فلن نؤمن لك ولن نرسل معك بنـي إسرائيـل فأرسل الله علـيهم الـجراد، فأسرع فـي فساد ثمارهم وزروعهم، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا الـجراد، فإنا سنؤمن لك ونرسل معك بنـي إسرائيـل فدعا ربه، فكشف عنهم الـجراد، وكان قد بقـي من زروعهم ومعاشهم بقايا، فقالوا: قد بقـي لنا ما هو كافـينا، فلن نؤمن لك ولن نرسل معك بنـي إسرائيـل فأرسل الله علـيهم القُمَّل، وهو الدبى، فتتبع ما كان ترك الـجراد، فجزعوا وأحسوا بـالهلاك، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا الدبى، فإنا سنؤمن لك، ونرسل معك بنـي إسرائيـل فدعا ربه، فكشف عنهم الدبى، فقالوا: ما نـحن لك بـمؤمنـين ولا مرسلـين معك بنـي إسرائيـل. فأرسل الله علـيهم الضفـادع، فملأ بـيوتهم منها، ولقوا منها أذى شديداً لـم يـلقوا مثله فـيـما كان قبله، إنها كانت تثب فـي قدورهم، فتفسد علـيهم طعامهم، وتطفـىء نـيرانهم، قالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا الضفـادع، فقد لقـينا منها بلاء وأذى، فإنا سنؤمن لك، ونرسل معك بنـي إسرائيـل فدعا ربه، فكشف عنهم الضفـادع، فقالوا: لا نؤمن لك، ولا نرسل معك بنـي إسرائيـل. فأرسل الله علـيهم الدم، فجعلوا لا يأكلون إلاَّ الدم، ولا يشربون إلاَّ الدم، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا الدم، فإنا سنؤمن لك، ونرسل معك بنـي إسرائيـل فدعا ربه فكشف عنهم الدم، فقالوا: يا موسى لن نؤمن لك ولن نرسل معك بنـي إسرائيـل، فكانت آيات مفصَّلات بعضها علـى إثر بعض، لـيكون لله علـيهم الـحجة، فأخذهم الله بذنوبهم، فأغرقهم فـي الـيـم.

حدثنـي عبد الكريـم، قال: ثنا إبراهيـم، قال: ثنا سفـيان، قال: ثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عبـاس قال: أرسل علـى قوم فرعون الآيات: الـجراد، والقُمَّل، والضفـادع، والدم آياتٍ مُفَصَّلاتٍ. قال: فكان الرجل من بنـي إسرائيـل يركب مع الرجل من قوم فرعون فـي السفـينة، فـيغترف الإسرائيـلـي ماء، ويغترف الفرعونـي دماً. قال: وكان الرجل من قوم فرعون ينام فـي جانب، فـيكثر علـيه القُمَّل والضفـادع حتـى لا يقدر أن ينقلب علـى الـجانب الآخر. فلـم يزالوا كذلك، حتـى أوحى الله إلـى موسى: أنْ أسْرِ بِعبـادِي إنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قال: لـما أتـى موسى فرعون بـالرسالة أبى أن يؤمن وأن يرسل معه بنـي إسرائيـل، فـاستكبر، قال: لن نرسل معك بنـي إسرائيـل فأرسل الله علـيهم الطوفـان، وهو الـماء، أمطر علـيهم السماء حتـى كادوا يهلكون وامتنع منهم كلّ شيء، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك بـما عهد عندك لئن كشفت عنا هذا لنؤمننّ لك، ولنرسلنّ معك بنـي إسرائيـل، فدعا الله فكشف عنهم الـمطر، فأنبت الله لهم حروثهم، وأحيا بذلك الـمطر كلّ شيء من بلادهم، فقالوا: والله ما نـحبّ أنا لـم نكن أمطرنا هذا الـمطر، ولقد كان خيرا لنا، فلن نرسل معك بنـي إسرائيـل، ولن نؤمن لك يا موسى. فبعث الله علـيهم الـجراد، فأكل عامَّة حروثهم، فأسرع الـجراد فـي فسادها، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا الـجراد، فإنا مؤمنون لك، ومرسلون معك بنـي إسرائيـل فكشف الله عنهم الـجراد، وكان الـجراد قد أبقـى لهم من حروثهم بقـية، فقالوا: قد بقـي لنا من حروثنا ما كان كافـينا، فما نـحن بتاركي ديننا، ولن نؤمن لك، ولن نرسل معك بنـي إسرائيـل فأرسل الله علـيهم القُمَّل، والقمل: الدبى، وهو الـجراد الذي لـيست له أجنـحة، فتتبع ما بقـي من حروثهم وشجرهم وكلّ نبـات كان لهم، فكان القمل أشدّ علـيهم من الـجراد. فلـم يستطيعوا للقمل حيـلة، وجزعوا من ذلك وأتوا موسى، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا القمل، فإنه لـم يُبْق لنا شيئاً، قد أكل ما بقـي من حروثنا، ولئن كشفت عنا القُمَّل لنؤمننّ لك، ولنرسلنّ معك بنـي إسرائيـل فكشف الله عنهم القُمَّل فنكثوا، وقالوا: لن نؤمن لك، ولن نرسل معك بنـي إسرائيـل. فأرسل الله علـيهم الضفـادع، فـامتلأت منها البـيوت، فلـم يبق لهم طعام ولا شراب إلاَّ وفـيه الضفـادع، فلقوا منها شيئاً لـم يـلقوه فـيـما مضى، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك، ولنرسلنّ معك بنـي إسرائيـل قال: فكشف الله عنهم فلـم يفعلوا، فأنزل الله: { { فَلَـمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرّجْزَ إلـى أجَلٍ هُمْ بـالِغُوهُ إذَا هُمْ يَنْكُثُونَ } ... إلـى: { { وكانُوا عَنْها غافِلـينَ } .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا أبو تـميـلة، قال: ثنا الـحسن بن واقد، عن زيد، عن عكرمة، عن ابن عبـاس قال: كانت الضفـادع برّية، فلـما أرسلها الله علـى آل فرعون سمعت وأطاعت، فجعلت تغرق أنفسها فـي القدور وهي تغلـي، وفـي التنانـير وهي تفور، فأثابها الله بحسن طاعتها بردَ الـماء.

قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: فرجع عدوّ الله، يعنـي فرعون، حين آمنت السحرة مغلوبـاً مفلولاً، ثم أبى إلا الإقامة علـى الكفر والتـماديَ فـي الشرّ، فتابع الله علـيه بـالآيات، وأخذه بـالسنـين، فأرسل علـيه الطُّوفـان، ثم الـجراد، ثم القُمَّل، ثم الضفـادع، ثم الدم آياتٍ مُفَصَّلاتٍ، فأرسل الطوفـان، وهو الـماء، ففـاض علـى وجه الأرض، ثم ركد، لا يقدرون علـى أن يحرثوا، ولا يعملوا شيئاً، حتـى جهدوا جوعاً فلـما بلغهم ذلك، قالوا: يا موسى ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك، ولنرسلنّ معك بنـي إسرائيـل فدعا موسى ربه، فكشفه عنهم، فلـم يفو له بشيء مـما قالوا. فأرسل الله علـيهم الـجراد، فأكل الشجر فـيـما بلغنـي، حتـى إن كان لـيأكل مسامير الأبواب من الـحديد حتـى تقع دورهم ومساكنهم، فقالوا مثل ما قالوا، فدعا ربه، فكشفه عنهم، فلـم يفوا له بشيء مـما قالوا. فأرسل الله علـيهم القُمَّل، فذكر لـي أن موسى أمر أن يـمشي إلـى كثـيب حتـى يضربه بعصاه، فمضى إلـى كثـيب أهيـل عظيـم، فضربه بها، فـانثال علـيهم قملاً حتـى غلب علـى البـيوت والأطعمة، ومنعهم النوم والقرار فلـما جهدهم قالوا له مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشفه عنهم، فلـم يفوا له بشيء مـما قالوا. فأرسل الله علـيهم الضفـادع، فملأت البـيوت والأطعمة والآنـية، فلا يكشف أحد ثوبـاً ولا طعاماً ولا إناءً إلاَّ وجد فـيه الضفـادع قد غلبت علـيه. فلـما جهدهم ذلك قالوا له مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشفه عنهم، فلـم يفوا له بشيء مـما قالوا، فأرسل الله علـيهم الدم، فصارت مياه آل فرعون دما، لا يستقون من بئر ولا نهر، ولا يغترفون من إناء إلاَّ عاد دماً عبـيطاً.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، قال: ثنا مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن كعب القرظي، أنه حدّث: أن الـمرأة من آل فرعون كانت تأتـي الـمرأة من بنـي إسرائيـل حين جهدهم العطش، فتقول: اسقـينـي من مائك فتغرف لها من جرتها، أو تصبّ لها من قربتها، فـيعود فـي الإناء دما، حتـى إن كانت لتقول لها: اجعلـيه فـي فـيك ثم مـجّيه فـي فـيّ فتأخذ فـي فـيها ماء، فإذا مـجّته فـي فـيها صار دماً، فمكثوا فـي ذلك سبعة أيام.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: الـجراد يأكل زروعهم ونبـاتهم، والضفـادع تسقط علـى فرشهم وأطعمتهم، والدم يكون فـي بـيوتهم وثـيابهم ومائهم وطعامهم.

قال: ثنا شبل، عن عبد الله بن كثـير، عن مـجاهد، قال: لـما سال النـيـل دما، فكان الإسرائيـلـي يستقـي ماء طيبـاً، ويستقـي الفرعونـي دماً ويشتركان فـي إناء واحد، فـيكون ما يـلـي الإسرائيـلـي ماء طيبـاً وما يـلـي الفرعونـي دما.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن أبـي بكر، قال: ثنـي سعيد بن جبـير: أن موسى لـما عالـج فرعون بـالآيات الأربع: العصا، والـيد، ونقص من الثمرات، والسنـين، قال: يا ربّ إن عبدك هذا قد علا فـي الأرض، وعتا فـي الأرض، وبغى علـيّ، وعلا علـيك، وعالـى بقومه، ربّ خذ عبدك بعقوبة تـجعلها له ولقومه نقمة، وتـجعلها لقومي عظة ولـمن بعدي آية فـي الأمـم البـاقـية فبعث الله علـيهم الطوفـان، وهو الـماء، وبـيوت بنـي إسرائيـل وبـيوت القبط مشتبكة مختلطة بعضها فـي بعض، فـامتلأت بـيوت القبط ماء، حتـى قاموا فـي الـماء إلـى تراقـيهم، من حبس منهم غرق، ولـم يدخـل فـي بـيوت بنـي إسرائيـل قطرة، فجعلت القبط تنادي: موسى ادع لنا ربك بـما عهد عندك، لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك، ولنرسلنّ معك بنـي إسرائيـل قال: فواثقوا موسى ميثاقاً أخذ علـيهم به عهودهم، وكان الـماء أخذهم يوم السبت، فأقام علـيهم سبعة أيام إلـى السبت الآخر، فدعا موسى ربه، فرفع عنهم الـماء، فأعشبت بلادهم من ذلك الـماء، فأقاموا شهراً فـي عافـية، ثم جحدوا وقالوا: ما كان هذا الـماء إلاَّ نعمة علـينا وخصبـاً لبلادنا، ما نـحبّ أنه لـم يكن قال: وقد قال قائل لابن عبـاس: إنـي سألت ابن عمر عن الطُّوفـان، فقال: ما أدري موتا كان أو ماء. فقال ابن عبـاس: أما يقرأ ابن عمر سورة العنكبوت حين ذكر الله قوم نوح فقال: فَأخَذَهُمُ الطوفـانُ وَهُمْ ظالِـمُونَ أرأيت لو ماتوا إلـى من جاء موسى علـيه السلام بـالآيات الأربع بعد الطوفـان؟ قال: فقال موسى: يا ربّ إن عبـادك قد نقضوا عهدك، وأخـلفوا وعدي، ربّ خذهم بعقوبة تـجعلها لهم نقمة، ولقومي عظة، ولـمن بعدهم آية فـي الأمـم البـاقـية قال: فبعث الله علـيهم الـجراد فلـم يدع لهم ورقة ولا شجرة ولا زهرة ولا ثمرة إلاَّ أكلها، حتـى لـم يُبق جَنًى. حتـى إذا أفنى الـخضر كلها أكل الـخشب، حتـى أكل الأبواب، وسقوف البـيوت وابتلـى الـجراد بـالـجوع، فجعل لا يشبع، غير أنه لا يدخـل بـيوت بنـي إسرائيـل. فعجوا وصاحوا إلـى موسى، فقالوا: يا موسى هذه الـمرّة ادع لنا ربك بـما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز، لنؤمننّ لك، ولنرسلنّ معك بنـي إسرائيـل فأعطوه عهد الله وميثاقه، فدعا لهم ربه، فكشف الله عنهم الـجراد بعد ما أقام علـيهم سبعة أيام، من السبت إلـى السبت. ثم أقاموا شهراً فـي عافـية، ثم عادوا لتكذيبهم ولإنكارهم، ولأعمالهم أعمال السوء، قال: فقال موسى: يا ربّ عبـادك قد نقضوا عهدي وأخـلفوا موعدي، فخذهم بعقوبة تـجعلها لهم نقمة، ولقومي عظة، ولـمن بعدي آية فـي الأمـم البـاقـية فأرسل الله علـيهم القُمَّل قال أبو بكر: سمعت سعيد بن جبـير والـحسن يقولان: كان إلـى جنبهم كثـيب أعفر بقرية من قُرى مصر تدعى عين شمس، فمشى موسى إلـى ذلك الكثـيب، فضربه بعصاه ضربة صار قملاً تدبّ إلـيهم، وهي دوابّ سود صغار، فدبّ إلـيهم القُمَّل، فأخذ أشعارهم وأبشارهم وأشفـار عيونهم وحواجبهم، ولزم جلودهم، كأنه الـجدريّ علـيهم، فصرخوا وصاحوا إلـى موسى: إنا نتوب ولا نعود، فـادع لنا ربك فدعا ربه فرفع عنهم القُمَّل بعد ما أقام علـيهم سبعة أيام من السبت إلـى السبت، فأقاموا شهرا فـي عافـية، ثم عادوا وقالوا: ما كنا قطّ أحقّ أن نستـيقن أنه ساحر منا الـيوم، جعل الرمل دوابّ، وعزّة فرعون لا نصدّقه أبداً ولا نتبعه فعادوا لتكذيبهم وإنكارهم، فدعا موسى علـيهم، فقال: يا ربّ إن عبـادك نقضوا عهدي، وأخـلفوا وعدي، فخذهم بعقوبة تـجعلها لهم نقمة، ولقومي عظة، ولـمن بعدي آية فـي الأمـم البـاقـية فأرسل الله علـيهم الضفـادع، فكان أحدهم يضطجع، فتركبه الضفـادع، فتكون علـيه ركاماً، حتـى ما يستطيع أن ينصرف إلـى الشقّ الآخر، ويفتـح فـاه لأكلته، فـيسبق الضفدع أكلته إلـى فـيه، ولا يعجن عجيناً إلاَّ تسدّختْ فـيه، ولا يطبخ قدراً إلاَّ امتلأت ضفـادع. فعذّبوا بها أشدّ العذاب، فشكوا إلـى موسى علـيه السلام، وقالوا: هذه الـمرّة نتوب ولا نعود. فأخذ عهدهم وميثاقهم، ثم دعا ربه، فكشف الله عنهم الضفـادع بعد ما أقام علـيهم سبعا من السبت إلـى السبت، فأقاموا شهرا فـي عافـية ثم عادوا لتكذيبهم وإنكارهم، وقالوا: قد تبـين لكم سحره، ويجعل التراب دوابّ، ويجيء بـالضفـادع فـي غير ماء فآذوا موسى علـيه السلام، فقال موسى: يا ربّ إن عبـادك نقضوا عهدي، وأخـلفوا وعدي، فخذهم بعقوبة تـجعلها لهم عقوبة، ولقومي عظة، ولـمن بعدي آية فـي الأمـم البـاقـية فـابتلاهم الله بـالدم، فأفسد علـيهم معايشهم، فكان الإسرائيـلـي والقبطي يأتـيان النـيـل فـيستقـيان، فـيخرج للإسرائيـلـي ماء، ويخرج للقبطي دماً، ويقومان إلـى الـحُبّ فـيه الـماء، فـيخرج للإسرائيـلـي فـي إنائه ماء، وللقبطي دما.

حدثنـي الـحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا ابن سعد، قال: سمعت مـجاهدا، فـي قوله: { فأرْسَلْنا عَلَـيْهِمُ الطوفـانَ } قال: الـموت والـجراد. قال: الـجراد يأكل أمتعتهم وثـيابهم ومسامير أبوابهم، والقُمَّل هو الدبى، سلطه الله علـيهم بعد الـجراد. قال: والضفـادع تسقط فـي أطعمتهم التـي فـي بـيوتهم وفـي أشربتهم.

وقال بعضهم: الدم الذي أرسله الله علـيهم كان رُعافـا. ذكر من قال ذلك.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا أحمد بن خالد، قال: ثنا يحيى بن أبـي بكير، قال: ثنا زهير، قال: قال زيد بن أسلـم: أما القُمَّل فـالقَمْل وأما الدم: فسلط علـيهم الرعاف.

وأما قوله: { آياتٍ مُفَصَّلاتٍ } فإن معناه: علامات ودلالات علـى صحة نبوّة موسى، وحقـية ما دعاهم إلـيه مفصلات، قد فُصِل بـينها، فجعل بعضها يتلو بعضاً، وبعضها فـي إثر بعض.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس، قال: فكانت آيات مفصلات بعضها فـي إثر بعض، لـيكون لله الـحجة علـيهم، فأخذهم الله بذنوبهم فأغرقهم فـي الـيـم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله: { آياتٍ مُفَصَّلاتٍ } قال: يتبع بعضها بعضا لـيكون لله الـحجة علـيهم، فـينتقم منهم بعد ذلك. وكانت الآية تـمكث فـيهم من السبت إلـى السبت، وترتفع عنهم شهرا، قال الله عزّ وجلّ: { { فـانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأغْرَقْناهُمْ فِـي الـيَـمّ } ... الآية.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، قال: قال ابن إسحاق: { آياتٍ مُفَصَّلاتٍ }: أي آية بعد آية يتبع بعضها بعضاً.

وكان مـجاهد يقول فـيـما ذكر عنه فـي معنى الـمفصَّلات، ما:

حدثنـي الـحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا أبو سعد، قال: سمعت مـجاهداً يقول فـي «آياتٍ مُفَصَّلاتٍ»، قال: معلومات.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { فـاسْتَكْبَرُوا وكانُوا قَوْماً مُـجْرِمِينَ }.

يقول تعالـى ذكره: فـاستكبر هؤلاء الذين أرسل الله علـيهم ما ذكر فـي هذه الآيات من الآيات والـحجج عن الإيـمان بـالله، وتصديق رسوله موسى صلى الله عليه وسلم، واتبـاعه علـى ما دعاهم إلـيه، وتعظموا علـى الله وعتوا علـيه { وكانُوا قَوْماً مُـجْرِمِينَ } يقول: كانوا قوما يعملون بـما يكرهه الله تعالى من الـمعاصي والفسق عتوًّا وتـمرّدا.