التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ
٩١
قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
٩٢
وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ
٩٣
وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٩٤
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
٩٥
-هود

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ما نفقه: أي ما نفهم بدقة كثيرا من كلامك.
ولولا رهطك: أي أفراد عشيرتك.
وما أنت علينا بعزيز: أي بقوي ممتنع.
ظهرياً: أي لم تأبهوا به ولم تلتفتوا إليه كالشيء الملقى وراء الظهر.
على مكانتكم: أي على ما أنتم عليه من حال التمكن والقدرة.
الصيحة: أي صيحة العذاب التي أخذتهم.
جاثمين: أي على ركبهم.
كأن لم يغنوا فيها: أي كأن لم يقيموا بها يوماً.
ألا بعداً لمدين: أي هلاكاً لمدين قوم شعيب.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن شعيب وقومه إنه بعد الحوار الذي دار بين شعيب وقومه يقول ويقولون وكان عليه السلام فصيحاً مؤيداً من الله تعالى فيما يقول فأفحمهم وقطع الحجة عليهم لجأوا إلى أسلوب القوة والتهديد بل والشتم والإِهانة وكان هذا منهم إيذاناً بقرب ساعة هلاكهم فقالوا فيما قص تعالى عنهم في هذه الآيات { قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ } فقد نادوه ليسمع منهم ثم أعلموه أنهم لا يفقهون كثيراً من كلامه مع أنه يخاطبهم بلغتهم، ولكنه الصلف والكبرياء فإِن صاحبها لا يفهم ما يقوله الضعفاء. وقالوا له: وإنا لنراك فينا ضعيفاً وهو احتقار منهم له، وقالوا: ولولا رهطك لرجمناك أي ولولا وجود جماعة من عشيرتك نحترمهم لرجمناك أي لقتلناك رمياً بالحجارة، وأخيراً وما أنت علينا بعزيز أي بممتنع لو أردناك. وهنا رد شعيب عليه السلام عليهم بقوله فقال ما أخبر تعالى به عنه { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً } أي غير مبالين بأمره ولا نهيه كما جعلتموه وراء ظهوركم لا تلتفون إليه ولا تسمعون منه ولا تطيعونه، يا ويلكم { إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } أي علمه فأعمالكم معلومة له لا يخفى منها عليه شيء ولسوف يجزيكم بها عاجلا أو آجلا وقابل تهديدهم له بمثله فقال لهم { وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } أي على تمكنكم من عملكم { إِنِّي عَٰمِلٌ } أي على تمكني من العمل الذي أعمله { سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } يذله ويهينه ومن هو كاذب منا فيعذب ويخزى ويذل ويهان أيضا وعليه فارتقبوا يومذاك { وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } منتظر قال تعالى { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } أي بالعذاب { نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } أي بفضل منا ونعمة من عندنا، { وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي بالشرك والعصيان { الصَّيْحَةُ } أي صيحة العذاب التي ارتجفت لها قلوبهم وانخلعت فبركوا على ركبهم جاثمين هلكي لا يتحركون. قال تعالى في بيان حالهم { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ } أي كأن لم يقيموا في تلك الديار ويعمروها زمنا طويلا. ثم لعنهم فقال: { أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ } بعداً لها من الرحمة وهلاكاً، كما بعدت قبلها ثمود وهلكت.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- بيان ما أوتي نبي الله شعيب العربي من فصاحة وبيان حتى قيل فيه خطيب الأنبياء.
2- اشتداد الأزمات مؤذن بقرب انفراجها.
3- بيان فساد عقل من يهتم بتنفيذ أوامر الناس ويهمل أوامر الله تعالى ولا يلتفت إليها.
4- فضل انتظار الفرج من الله تعالى وهو الرجاء المأمور به.
5- صدق وعد الله رسله وعدم تخلفّه أبداً.