التفاسير

< >
عرض

وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً
٢
ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً
٣
وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً
٤
فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً
٥
ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً
٦
-الإسراء

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وآتينا موسى الكتاب: أي التوراة.
وجعلناه هدى: أي جعلنا الكتاب أو موسى هدى أي هادياً لبني إسرائيل.
وكيلاً: أي حفيظاً أو شريكاً.
من حملنا: أي في السفينة.
وقضينا: أي أعلمناهم قضاء نافيهم.
في الكتاب: أي التوراة.
علواً كبيراً: أي بغياً عظيماً.
أولاهما: أي أولى المرتين.
فجاسوا خلال: أي ترددوا جائين ذاهبين وسط الديار يقتلون ويفسدون.
وعداً مفعولا: أي منجزاً لم يتخلف.
معنى الآيات:
يخبر تعالى أنه هو الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وأنه هو الذي آتى موسى الكتاب أي التوراة فهو تعالى المتفضل على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أمته بالإِسراء به والمعراج وعلى موسى بإعطائه الكتاب ليكون هدى وبياناً لبني إسرائيل فهو متفضل أيضاً على بني إسرائيل فله الحمد وله المنة.
وقوله: { وَجَعَلْنَاهُ } أي الكتاب { هُدًى } أي بياناً لبني إسرائيل يهتدون إلى سُبُل الكمال والإِسعاد وقوله: { أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً } أي آتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل من أجل ألا يتخذوا من غيري حفيظاً لهم يشركونه بي بالتوكل عليه وتفويض أمرهم إليه ناسين لي وأنا ربهم وولي نعمتهم. وقوله تعالى: { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } أي يا ذرية من حملنا مع نوح اشكروني كما شكرني نوح على انجائي إياه في السفينة مع أصحابه فيها، إنه أي نوحاً { كَانَ عَبْداً شَكُوراً } فكونوا أنتم مثله فاشكروني بعبادتي ووحدوني ولا تتركوا طَاعَتِي ولا تشركوا بي سِوَايَ.
وقوله تعالى { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } يخبر تعالى بأنه أعلم بني إسرائيل بقضائه فيهم وذلك في كتابهم التوراة أنهم يفسدون في الأرض بارتكاب المعاصي وغشيان الذنوب، ويعلون في الأرض بالجراءة على الله وظلم الناس { عُلُوّاً كَبِيراً } أي عظيماً. ولا بد أن ما قضاه واقع وقوله تعالى: { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } أي وقت المرة الأولى { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي قوة وبطش في الحرب شديد، وتم هذا لما أفسدوا وظلموا بانتهاك حدود الشرع والإِعراض عن طاعة الله تعالى حتى قتلوا نبيهم "أرميا" عليه السلام وكان هذا على يد الطاغية جالوت فغزاهم من أرض الجزيرة ففعل بهم مع جيوشه ما أخبر تعالى به في قوله: { فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ } ذاهبين جائين قتلاً وفتكاً وإفساداً نقمة الله على بني إسرائيل لإفسادهم وبغيهم البغي العظيم.
ووقوله تعالى: { وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } أي ما حصل لهم في المرة الأولى من الخراب والدمار ومن أسبابه كان بوعد من الله تعالى منجزاً فوفاة لهم، لأنه قضاه وأعلمهم به في كتابهم. وقوله: { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } أي بعد سنين طويلة وبنو إسرائيل مضطهدون مشردون نبتت منهم نابتة وطالبت بأن يعين لهم ملكاً يقودهم إلى الجهاد وكان ذلك كما تقدم في سورة البقرة جاهدوا وقتل داود جالوت وهذا معنى { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } وقوله: { وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً } أي رجالاً في الحروب وكثرت أموالهم وأولادهم وتكونت لهم دولة سادت العالم على عهد داود وسليمان عليهما السلام.
هداية الآيات:
1- بيان إفضال الله تعالى على الأمتين الإِسلامية والإِسرائيلية.
2- بيان سر إنزال الكتب وهو هداية الناس إلى عبادة الله تعالى وتوحيده فيها.
3- وجوب شكر الله تعالى على نعمه إذ كان نوح عليه السلام إذا أكل الأكلة قال الحمد لله، وإذا شرب الشربة قال الحمد لله، وإذا لبس حذاءه قال الحمد لله وإذا قضى حاجة قال الحمد لله فسمى عبداً شكوراً وكذا كان رسول الله والصالحون من أمته إلى اليوم.
4- ما قضاه الله تعالى كائن، وما وعد به ناجز، والإِيمان بذلك واجب.
5- التنديد بالإِفساد والظلم والعلو في الأرض، وبيان سوء عاقبتها.