التفاسير

< >
عرض

وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً
٦٣
وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً
٦٤
وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً
٦٥
إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً
٦٦
وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً
٦٧
وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً
٦٨
يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً
٦٩
إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٧٠
وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً
٧١
-الفرقان

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
يمشون على الأرض هوناً: في سكينة ووقار.
وإذا خاطبهم الجاهلون: أي بما يكرهون من الأقوال.
قالوا سلاماً: أي قولاً يسلمون به من الإِثم، ويسمى هذا سلام المتاركة.
سجداً وقياماً: أي يصلون بالليل سجداً جمع ساجد.
إن عذابها كان غراماً: أي عذاب جهنم كان لازماً لا يفارق صاحبه.
إنها ساءت متسقراً ومقاماً: أي بئست مستقراً وموضع إقامة واستقرار.
لم يسرفوا ولم يقتروا: أي لم يبذروا ولم يضيقوا.
وكان بين ذلك قواماً: أي بين الإِسراف والتقتير وسطاً.
التي حرم الله: وهي كل نفس آدمية إلا نفس الكافر المحارب.
إلا بالحق: وهو واحد من ثلاث: كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل ظلم وعدوان.
يلق أثاماً: أي عقوبة شديدة.
يبدل الله سيئاتهم حسنات: بأن يمحو بالتوبة سوابق معاصيهم، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم.
معنى الآيات:
لما أنكر المشركون الرحمن
{ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } [الفرقان: 60] وأبوا أن يسجدوا للرحمن، وقالوا أن محمداً ينهانا عن الشرك وهو يدعو مع الله الرحمن فيقول يا الله يا رحمن، ناسب لتجاهلهم هذا الاسم الرحمن أن يذكر لهم صفات عباد الرحمن ليعرفوا الرحمن بعباده على حد (خيركم من إذا رُؤي ذُكر الله) فقال تعالى { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ } ووصفهم بثمان صفات وأخبر عنهم بما أعده لهم من كرامة يوم القيامة. الأولى في قوله { ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً } أي ليسوا جبابرة متكبرين، ولا عصاة مفسدين ولكن يمشون متواضعين عليهم السكينة والوقار، { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ } أي السفهاء بما يكرهون من القول قالوا قولاً يسلمون به من الإِثم فلم يردوا السيئة بالسيئة ولكن بالحسنة.
الثانية: في قوله { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } أي يقضون ليلهم بين السجود والقيام يصفون أقدامهم ويذرفون دموعهم على خدودهم خوفاً من عذاب ربهم.
والثالثة: في قوله { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ } إنهم لقوة يقينهم كأنهم شاعرون بلهب جهنم يدنو من وجوههم فقالوا { رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } أي مُلحّاً لازماً لا يفارق صاحبه، { إِنَّهَا سَآءَتْ } أي جهنم { مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } أي بئست موضع إقامة واستقرار.
والرابعة: في قوله { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ } في إنفاقهم فيتجاوزوا الحد المطلوب منهم، ولم يقتروا فيقصروا في الواجب عليهم وكان إنفاقهم بين الإِسراف والتقتير قواماً أي عدلاً وسطاً.
والخامسة: { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ } أي لا يسألون غير ربهم قضاء حوائجهم كما لا يشركون بعبادة ربهم أحداً { وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ } قتلها وهي كل نفس آدمية ما عدا نفس الكافر المحارب فإنها مباحة القتل غير محرمة. { إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } وهو واحدة من ثلاث خصال بينها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الصحيحين
"لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" { وَلاَ يَزْنُونَ } أي لا يرتكبون فاحشة الزنا والزنا نكاح على غير شرط النكاح المباح وقوله تعالى { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } هذا كلام معترض بين صفات عباد الرحمن. أي ومن يفعل ذلك المذكور من الشرك بدعاء غير الرب أو قتل النفس بغير حق، أو زنا { يَلْقَ أَثَاماً } أي عقاباً { يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ } أي في العذاب { مُهَاناً } مخزياً ذليلاً، وقوله تعالى { إِلاَّ مَن تَابَ } من الشرك وآمن بالله وبلقائه وبرسوله وما جاء به من الدين الحق { وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً } من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام { فَأُوْلَـٰئِكَ } المذكورون أي التائبون { يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } أي يمحو سيآتهم بتوبتهم ويكتب لهم مكانها صالحات أعمالهم وطاعاتهم بعد توبتهم { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } ذا مغفرة للتائبين من عباده ذا رحمة بهم فلا يعذبهم بعد توبته عليهم، وقوله { وَمَن تَابَ } من غير هؤلاء المذكورين أي رجع إلى الله تعالى بعد غشيانه الذنوب { وَعَمِلَ صَالِحاً } بعد توبته { فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً } أي يرجع إليه تعالى مرجعاً مرضياً حسناً فيكرمه وينعمه في دار كرامته.
هدايته الآيات:
من هداية الآيات:
1- بيان صفات عباد الرحمن الذين بهم يعرف الرحمن عز وجل.
2- فضيلة التواضع والسكينة في المشي والوقار.
3- فضيلة رد السيئة بالحسنة والقول السليم من الإِثم.
4- فضيلة قيام الليل والخوف من عذاب النار.
5- فضيلة الاعتدال والقصد في النفقة وهي الحسنة بين السيئتين.
6- حرمة الشرك وقتل النفس والزنى وأنها أمهات الكبائر.
7- التوبة تجب ما قبلها. والندب إلى التوبة وأنها مقبولة ما لم يغرغر.