التفاسير

< >
عرض

فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٢٥
قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ
٢٦
قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ
٢٧
قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
٢٨
-القصص

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وقص عليه القصص: أخبره بشأنه كله من قتله القبطي وطلب السلطة له ونصح المؤمن له بمغادرة البلاد ووصوله إلى ماء مدين.
لا تخف نجوت من القوم الظالمين: أي من فرعون وملئه إذ لا سلطان لهم على بلاد مدين.
يا أبت استأجره: أي اتخذه أجيراً يرعى لنا الغنم بدلنا.
القوي الأمين: ذكرت له كفاءته وهي القوة البدنية والأمانة.
على أن تأجرني: أي تكون أجيراً لي في رعي غنمي.
ثماني حجج: أي ثماني سنوات إذ الحجة عام والجمع حجج.
فإن أتممت عشراً فمن عندك: أي جعلت الثمانية عشراً فرغبت عشراً فهذا من كرمك.
قال ستجدني إن شاء الله من الصالحين: أي الذين يوفون ولا ينقضون ولا ينقصون.
ذلك بيني وبينك: أنا أفي بشرطي وأنت تفي بشرطك.
أيما الأجلين قضيت: أي الأجلين الثمانية أو العشرة أتممت.
فلا عدوان على: وذلك بطلب الزيادة فوق الثمانية أو فوق العشرة.
والله على ما نقول وكيل: أي وكيل وحفيظ أي أشهد الله على العقد بشطريه أي النكاح ورعي الغنم وبذلك تم العقد.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ما تم بين موسى وابنتي شعيب من السقي لهما ومجيء إحداهما تبلغه رسالة والدها ومشيه معها وقوله تعالى { فَلَمَّا جَآءَهُ } أي جاء موسى شعيباً { وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ } أي أخبره بشأنه كله من قتله القبطي خطأ وطلب السلطات له ونصح مؤمن آل فرعون له بالخروج من البلاد، ووصوله إلى ماء مدين قال له شعيب عندئذ { لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } يعني فرعون وحكومته وهذا ما يعرف الآن باللجوء السياسي فأمنه على نفسه لأن فرعون لا سلطان له على هذه البلاد.
وقال له شعيب: اجلس تعش معنا فقال موسى أخاف أن يكون عوضاً عما سقيت لابنتيك ما شيتهما وإني لمن أهل بيت لا يطلبون على عمل الخير عوضاً فقال له شعيب لا ليس هذا بأجر على سقيك وإنما عادتنا أن نقري الضيف ونطعم الطعام فأكل ولم ير بذلك بأساً. وقوله تعالى { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } يروى أنها لما قالت { إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } أثارت حفيظته بهذه الكلمة فسألها: كيف علمت ذلك فذكرت له عن القوة في سقيه لهما وعن الأمانة في غض بصره عن النظر إليها، فصدقها شعيب وقال لموسى: { إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ } أي أزوجك { إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ } { عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ } أي سنين جمع حجة وهي السَّنَهْ وقوله { فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ } أي احساناً منك وكرماً، { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ } بطلب العشرة { سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } أي الذين يوفون بعهودهم فقال موسى رداً على كلامه { ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ } أنا عليَّ أن أفي بما اشترطت عليَّ وأنت عليك أن تفي بما اشترطت لي على نفسك { أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ } الثمانية أو العشرة { قَضَيْتُ } أي وفيت وأديت { فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ } أي بطلب الزيادة على الثمانية ولا على العشرة. فقال شعيب: نعم { وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } فأشهد الله تعالى على صحة العقد وبذلك أصبح موسى زوجاً لابنة شعيب التي عيّنها له والغالب أنها الكبرى التي شهدت له بالأمانة والقوة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تجلى كرم شعيب ومروءته وشهامته في تطمين موسى وإكرامه وإيوائه.
2- بيان أن الكفاءة شرط في العمل ولا أفضل من القوة وهي القدرة البدنية والعلمية والأمانة.
3- مشروعية عرض الرجل ابنته على من يرى صدقه وأمانته ليزوجه بها.
4- مشروعية إشهاد الله تعالى على العقود بمثل { وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }.
5- فضيلة موسى عليه السلام بإيجار نفسه على شبع بطنه وإحصان فرجه.