التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٦٥
وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٦٦
وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ
١٦٧
ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
١٦٨
-آل عمران

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
المصيبة: إحدى المصائب: ما يصيب الإِنسان من سوء وأسوأها مصيبة الموت.
مثليها: ضعفيها إذ قتلوا في بدر سبعين من المشركين وأسروا سبعين.
أنى هذا؟: أي من أين أتانا هذا الذي أتانا من القتل والهزيمة.
فبإذن الله: أي بإرادته تعالى وتقديره بربط المسببات بأسبابها.
نافقوا: أظهروا من الإِيمان ما لا يبطنون من الكفر.
أو ادفعوا: أي ادفعوا العدوعن دياركم وأهليكم وأولادكم، إن لم تريدوا ثواب الآخرة.
ادرأوا: أي ادفعوا.
إن كنتم صادقين: في دفع المكروه بالحذر.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في أحداث غزوة أحد ففي الآية الأولى: ينكر الله تعالى على المؤمنين قولهم بعد أن أصابتهم مصيبة القتل والجراحات والهزيمة: { أَنَّىٰ هَـٰذَا } أي من أي وجه جاءت هذه المصيبة ونحن مسلمون ونقاتل في سبيل الله ومع رسوله؟ فقال تعالى: { أَوَ لَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ } بأحد قد أصبتم مثليها ببدر لأن ما قتل من المؤمنين بأحد كان سبعين، وما قتل من المشركين ببدر كان سبعين قتيلا وسبعين أسيراً، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُجيبهم: قل هو من عند أنفسكم، وذلك بمعصيتكم لرسول الله حيث خالف الرماة أمره، وبعدم صبركم إذ فررتم من المعركة تاركين القتال. وقوله { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } إشعار بأن الله تعالى أصابهم بما أصابهم به عقوبة لهم حيث لم يطيعوا رسوله ولم يصبروا على قتال أعدائه. هذا ما تضمنته الآية الأولى [165] أما الآيات الثلاث بعدها فقوله تعالى: { وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يخبر تعالى المؤمنين أن ما أصابهم يوم أحد عند التقاء جمع المؤمنين وجمع المشركين في ساحة المعركة كان بقضاء الله وتدبيره، وعلته إظهار المؤمنين على صورتهم الباطنية الحقة وإنهم صادقون في إيمانهم، ولذا قال تعالى وليعلم المؤمنين علم انكشاف وظهور كما هو معلوم له في الغيب وباطن الأمور هذا أولا وثانيا ليعلم الذين نافقوا فأظهروا الإِيمان والولاء لله ولرسوله والمؤمنين ثم أبطنوا الكفر العداء لله ورسوله والمؤمنين فقال عنهم في الآيتين الثالثة [167] والرابعة [168] { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ } وهم عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين وعصابته الذين رجعوا من الطريق قبل الوصول إلى ساحة المعركة، وقد قال لهم عبد الله بن حرام والد جابر تعالوا قاتلوا في سبيل الله رجاء ثواب الآخرة، وإن لم تريدوا ثواب الآخرة فادفعوا عن أنفسكم وأهليكم معرة جيش غاز يريد قتلكم إذ وقوفكم معنا يكثر سوادنا ويدفع عنا خطر العدو الداهم فأجابوا قائلين: لو نعلم قتالاً سيتم لاتبعناكم، فأخبر تعالى عنهم بأنهم في هذه الحال { هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ } إذ يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ } حتى من أنفسهم يعلم أنهم يكتمون عداوة الله ورسوله والمؤمنين وإرادة السوء بالمؤمنين، وأن قلوبهم مع الكافرين الغازين. ثم أخبر تعالى عنهم أنهم قعدوا عن الجهاد في أحد وقالوا لإِخوانهم في النفاق - وهم في مجالسهم الخاصة -: - لو أنهم قعدوا فلم يخرجوا كما لم نخرج نحن ما قتلوا. فأمر الله رسوله أن يرد عليهم قائلاً: { فَادْرَءُوا } أي ادفعوا عن أنفسكم الموت إذا حضر أجلكم إن كنتم صادقين في دعواكم أنهم لو قعدوا ما قتلوا.
من هداية الآيات:
1- المصائب ثمرة الذنوب.
2- كل الأحداث التي تتم في العالم سبق بها علم الله، ولا تحدث إلا بإذنه.
3- قد يقول المرء قولا أو يظن ظنا يصبح به على حافة هاوية الكفر.
4- الحذر لا يدفع القدر.