التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ
١٧
ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
١٨
أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ
١٩
لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ
٢٠
-الزمر

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها: أي تركوا عبادة الأصنام وغيرها مما يعبد من دون الله.
وأنابوا إلى الله: أي بالإِيمان به وعبادته وتوحيده فيها.
لهم البشرى: أي بالجنة عند الموت وفي القبر وعند القيام من القبور.
فيتبعون أحسنه: أي أوفاه وأكمله وأقربه إلى مرضاة الله تعالى.
أولوا الألباب: أي العقول السليمة.
أفمن حق عليه كلمة العذاب: أي وجب عليه العذاب بقول الله تعالى لأملأن جهنم.
أفأنت تنقذ من في النار: أي تخلصه منها وتخرجه من عذابها.
لكن الذين اتقوا ربهم: أي خافوه فآمنوا به وأطاعوه موحدين له في ذلك.
تجري من تحتها الأنهار: أي من خلال قصورها وأشجارها.
وعد الله: أي وعدهم الله تعالى وعداً فهو منجزه لهم.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى حال أهل النار من عبدة الأوثان وأن لهم من فوقهم ظللا من النار ومن تحتهم ظللا ذكر تعالى حال الذين اجتنبوا تلك الطواغيت فلم يعبدوها، وما أعد لهم من النعيم المقيم فجمع بذلك بين الترهيب والترغيب المطلوب لهداية البشر وإصلاحهم فقال عز وجل { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ } أي أن يعبدوها وهي الأوثان وكل ما زين الشيطان عبادته ودعا الناس إلى عبادته وأضافوا إلى اجتناب الطاغوت الإِنابة إلى الله تعالى بعبادته وتوحيده فيها هؤلاء لهم البشرى وهي في كتاب الله وعلى لسان رسول الله ويرونها عند نزول الموت وفي القبر وفي الحشر وكل هذا في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى { فَبَشِّرْ عِبَادِ ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } يأمر تعالى رسوله أن يبشر صنفاً من عباده بما بشر به الذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله وهم الذين يستمعون القول من قائله فيتبعون أحسن ما يسمعون، ويتركون حسنه وسيئه معاً فهؤلاء لهم همم عالية ونفوس تواقة للخير والكمال شريفة فاستوجبوا بذلك البشرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم والثناء الجميل من ربّ العالمين إذ قال تعالى فيهم { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } فحسبهم كمالاً أن اثنى تعالى عليهم. اللهم اجعلني منهم ومن سأل لي وله ذلك. وقوله { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ } أي وجب له العذاب قضاءً وقدراً فأسرف في الكفر والظلم والإِجرام والعدوان كأبي جهل والعاص بن وائل فأحاطت به خطيئاته فكان من أصحاب النار فهل تستطيع أيها الرسول انقاذه من النار وتخليصه منها؟ والجواب لا. إذاً فهون على نفسك واتركهم لشأنهم وما خلقوا له وحكم به عليهم. وقوله تعالى { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } فآمنوا وعملوا الصالحات لهم غرف في الجنة من فوقها غرف وهي العلية تكون فوق الغرفة تجري من تحتها الأنهار من تحت القصور والأشجار أنهار الماء واللبن والعسل والخمر. وقوله { وَعْدَ ٱللَّهِ } أي وعدهم الله تعالى بها وعداً حقاً فهو منجزه لهم إذ هو تعالى لا يخلف الميعاد.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- كرامة زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي إذ هذه الآية تعنيهم فقد رفضوا عبادة الطاغوت في الجاهلية قبل الإِسلام ثم أنابوا إلى ربهم فصدقت الآية عليهم.
2- فضيلة أهل التمييز والوعي والإِدراك الذين يميزون بين ما يسمعون فيتبعون الأحسن ويتركون ما دونه من الحسن والسيء.
3- إعلام من الله تعالى أن من وجبت له النار أزلاً لا تمكن هدايته مهما بذل الداعي في هدايته وإصلاحه ما بذل.
4- بيان ما أعد الله تعالى لأهل الإِيمان والتقوى من نعيم الجنة وكرامة الله لأهلها.