التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً
٥١
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً
٥٢
أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً
٥٣
أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً
٥٤
فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
٥٥
-النساء

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
الجبت والطاغوت: الجبت: اسم لكل ما عبد من دون الله وكذا الطاغوت سواء كانا صنمين أو رجلين.
أهدى سبيلاً: أكثر هداية في حياتهما وسلوكهما.
نقيراً: النقير: نُقْرَةٌ في ظهر النواة يضرب بها المثل في صغرها.
الحسد: تمني زوال النعمة عن الغير والحرص على ذلك.
الحكمة: السداد في القول والعمل مع الفقه في أسرار التشريع الإِلهي.
معنى الآيات:
روي أن جماعة من اليهود منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب ذهبوا إلى مكة يحزبون الأحزاب لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نزلوا مكة قالت قريش: نسألهم فإنهم أهل كتاب عن ديننا ودين محمد أيهما خير؟ فسألوهم فقالوا لهم دينكم خير من دين محمد وأنتم أهدى منه وممن اتبعه فأنزل الله تعالى هذه الآيات إلى قوله { عَظِيماً }. وهذا شرحها: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ } الم ينته إلى علمك أيها الرسول أن الذين أوتوا حظا من العلم بالتوراة يصدقون بصحة عبادة الجبت والطاغوت ويقرون عليها ويحكمون بأفضلية عبادتها على عبادة الله تعالى { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهم مشركوا قريش: دينكم خير من دين محمد وأنتم أهدى طريقا في حياتكم الدينية والاجتماعية ألم يك موقف هؤلاء اليهود مثار الدهشة والاستغراب والتعجب لأَهل العِلْمِ والمعرفة بالدين الحق إذ يُقِرُّون الباطل ويصدقون به؟ { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } أولئك الهابطون في حمأة الرذيلة البعيدون في أغوار الكفر والشر والفساد لعنهم الله فأبعدهم عن ساحة الخير والهدى، { وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ } يا رسولنا { نَصِيراً } ينصره من الخذلان الذي وقع فيه والهزيمة الروحية التي حلت به فأصبح وهو العالم يبارك الشرك ويفضله على التوحيد.
ثم قال تعالى في الآية [53] { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً }. أي ليس لهم نصيب من الملك كما يدعون فالاستفهام للإنكار عليهم دعوة أن الملك يؤول إليهم، وهم لشدة بخلهم لو آل الملك لهم لما أعطوا أحداً أحقر الأشياء وأتفهها ولو مقدار نقرة نواة وهذا ذم لهم بالبخل بعد ذمهم بلازم الجهل وهو تفضيلهم الشرك على التوحيد. وقوله تعالى: { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } أم بمعنى بل كسابقتها بل للاضراب - الانتقالي من حال سيئة إلى أخرى، والهمزة للإِنكار ينكر تعالى عليهم حسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على النبوة والدولة، وهو المراد من الناس وقوله تعالى { فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ } كصحف إبراهيم والتوراة والزبور والإنجيل { وَٱلْحِكْمَةَ } التي هي السنة التي كانت لأولئك الأنبياء يتلقونها وحياً من الله تعالى وكلها علم نافع وحكم صائب سديد والملك العظيم هو ما كان لدواد وسليمان عليهما السلام كل هذا يعرفه اليهود فلم لا يحسدون من كان لهم ويحسدون محمداً والمسلمين والمراد من السياق ذم اليهود بالحسد كما سبق ذمهم بالبخل والجهل مع العلم.
وقوله تعالى في الآية [55] { فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ } يريد أن من اليهود المعاهدين للنبي صلى الله عليه وسلم مَنْ آمن بالنبي محمد ورسالته، وهم القليل، { وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ } أي انصرف وصرف الناس عنه وهم الأكثرون { وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } لمن كفر حسداً وصد عن سبيل الله بخلا ومكراً، أي حسبه جهنم ذات السعير جزاءً له على الكفر والحسد والبخل. والعياذ بالله تعالى.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- وجوب الكفر بالجبت والطاغوت.
2- بيان مكر اليهود وغشهم وأنهم لا يتورعون عن الغش والكذب والتضليل.
3- ذم الحسد والبخل.
4- إيمان بعض اليهود بالإِسلام، وكفر أكثرهم مع علمهم بصحة الإِسلام ووجوب الإِيمان به والدخول فيه.