أي: وأنزلنا هذا القرآن مفرقًا، فارقًا بين الهدى والضلال، والحق والباطل. { لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ } أي: على مهل، ليتدبروه ويتفكروا في معانيه، ويستخرجوا علومه.
{ وَنزلْنَاهُ تَنزيلا } أي: شيئًا فشيئًا، مفرقًا في ثلاث وعشرين سنة.
{ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا } فإذا تبين أنه الحق، الذي لا شك فيه ولا ريب، بوجه من الوجوه فـ: { قُلْ } لمن كذب به وأعرض عنه: { آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا } فليس لله حاجة فيكم، ولستم بضاريه شيئًا، وإنما ضرر ذلك عليكم، فإن لله عبادًا غيركم، وهم الذين آتاهم الله العلم النافع: { إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ سُجَّدًا } أي: يتأثرون به غاية التأثر، ويخضعون له.
{ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا } عما لا يليق بجلاله، مما نسبه إليه المشركون. { إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا } بالبعث والجزاء بالأعمال { لَمَفْعُولا } لا خلف فيه ولا شك.
{ وَيَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ } أي: على وجوههم { يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ } القرآن { خُشُوعًا }.
وهؤلاء كالذين من الله عليهم من مؤمني أهل الكتاب كعبد الله ابن سلام وغيره، ممن أمن في وقت النبي صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك.