يقول تعالى: { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ } أي: عهدهم الثقيل بالإيمان بالله، والقيام بواجباته التي تقدم الكلام عليها في قوله: { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا } إلى آخر الآيات. { وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلا } يتوالون عليهم بالدعوة، ويتعاهدونهم بالإرشاد، ولكن ذلك لم ينجع فيهم، ولم يفد { كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ } من الحق كذبوه وعاندوه، وعاملوه أقبح المعاملة { فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ } .
{ وَحَسِبُوا أَلا تَكُونَ فِتْنَةٌ } أي: ظنوا أن معصيتهم وتكذيبهم لا يجر عليهم عذابا ولا عقوبة، فاستمروا على باطلهم. { فَعَمُوا وَصَمُّوا } عن الحق { ثُمَّ } نعشهم و { تاب الله عَلَيْهِمْ } حين تابوا إليه وأنابوا { ثُمَّ } لم يستمروا على ذلك حتى انقلب أكثرهم إلى الحال القبيحة. فَـ { عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ } بهذا الوصف، والقليل استمروا على توبتهم وإيمانهم. { وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } فيجازي كل عامل بعمله، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.