التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ
٦١
وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٦٢
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
٦٣
قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ
٦٤
وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ
٦٥
قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
٦٦
وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ
٦٧
وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٦٨
-يوسف

تفسير القرآن

{ قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ } سنطلبه من أبيه ونغري أباه { وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } لضامنون أنا سنجيء به { وَقَالَ } يوسف { لِفِتْيَانِهِ } لخدامه { ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ } دسوا دراهمهم { فِي رِحَالِهِمْ } في جواليقهم كي لا يعلمون { لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ } لكي يعرفوا هذه الكرامة مني ويقال لكي يعرفوا أنها دراهمهم فيردوها لي { إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ } إذا رجعوا إلى أبيهم { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } مرة أخرى { فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ } بكنعان { قَالُواْ يَٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ } فيما يستقبل إن لم ترسل معنا بنيامين { فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا } بنيامين { نَكْتَلْ } يشتر لنفسه حملاً ويقال نشتر له حملاً إن قرأت بالنون { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ضامنون برده إليك { قَالَ } لهم يعقوب { هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ } على بنيامين { إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ } من قبل يوسف يقول هل أقدر أن آخذ عليكم العهد والميثاق أكثر مما أخذت عليكم في يوسف { فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً } منكم { وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } وهو أرحم به من والديه ومن إخوته { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ } جواليقهم { وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ } دراهمهم ثمن طعامهم { رُدَّتْ إِلَيْهِمْ } مع طعامهم { قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي } ما نكذب بما قلنا من إحسان الرجل ولطفه بنا ما طلبنا هذا منه { هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا } دراهمنا التي أعطيناه ثمن الطعام { رُدَّتْ إِلَيْنَا } مع الطعام وهذا من إحسانه إلينا قال لهم أبوهم بل جربكم الرجل بهذا ردوا هذه الدراهم إليه { وَنَمِيرُ أَهْلَنَا } نمتار أهلنا { وَنَحْفَظُ أَخَانَا } في الذهاب والمجيء بنيامين { وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ } وقر بعير إذ كان هو معنا { ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } حمل يسير نعطي بسببه ويقال هذا أمر يسير وحاجة هينة نطلب منك { قَالَ } لهم أبوهم { لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ } بهذه المقالة { حَتَّىٰ تُؤْتُونِ } تعطوني { مَوْثِقاً } عهداً { مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ } لتردنه عليَّ { إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } إلا أن ينزل عليكم أمر من السماء ويقال إلا أن يصيبكم أمر من السماء أو من الأرض { فَلَمَّآ آتَوْهُ } أعطوا أباهم { مَوْثِقَهُمْ } عهودهم من الله على رده إلى أبيهم { قَالَ } يعقوب { ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } شهيد ويقال كفيل { وَقَالَ } لهم { يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ } من سكة واحدة { وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ } من سكك مختلفة { وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ } من قضاء الله فيكم { مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ } ما الحكم بالقضاء فيكم { إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } اتكلت وفوضت أمري وأمركم إليه { وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } فليثق الواثقون ويقال على المؤمنين أن يتوكلوا على الله وكان خاف عليهم يعقوبَ من العين لأنهم كانوا صباح الوجوه جمالاً فمن ذلك خالف عليهم { وَلَمَّا دَخَلُواْ } مصر { مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ } كما أمرهم { أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ } من قضاء الله فيهم { مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً } حزازة { فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ } في قلب يعقوب { قَضَاهَا } أبداها { وَإِنَّهُ } يعني يعقوب { لَذُو عِلْمٍ } حفظ { لِّمَا عَلَّمْنَاهُ } من الذي علمناه من الأحكام والحدود والقضاء والقدر علم أنه لا يكون إلا ما قضى الله { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ } أهل مصر { لاَ يَعْلَمُونَ } ذلك ولا يصدقون.