التفاسير

< >
عرض

وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ
١٣
لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ
١٤
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ
١٥
قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ قُلْ أَفَٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ
١٦
أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَاطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ
١٧
-الرعد

تفسير القرآن

{ وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } بأمره وهو ملك ويقال صوت السماء { وَٱلْمَلاَئِكَةُ } وتسبح الملائكة { مِنْ خِيفَتِهِ } وهم خائفون من الله { وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ } يعني النار { فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ } فيهلك بالنار من يشاء يعني زيد بن قيس أهلكه الله بالنار وأهلك صاحبه عامر بن الطفيل بطعنة من خاصرته { وَهُمْ يُجَادِلُونَ } يخاصمون { فِي ٱللَّهِ } في دين الله مع محمد صلى الله عليه وسلم { وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } شديد العقاب { لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ } دين الحق شهادة أن لا إله إلا الله وهي كلمة الإخلاص { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } يعبدون { مِن دُونِهِ } من دون الله { لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ } ينفع إن دعوهم { إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ } إلا كماد يديه { إِلَى ٱلْمَآءِ } من بعد { لِيَبْلُغَ فَاهُ } لكي يبلغ الماء إلى فيه { وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ } بتلك الحال الماء إلى فيه أبداً يقول كما لا يبلغ الماء فاه هذا الرجل كذلك لا تنفع الأصنام من عبدها { وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } عبادة الكافرين { إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } في باطل يضل عنهم { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ } يصلي ويعبد { مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } من الملائكة { وَٱلأَرْضِ } من المؤمنين { طَوْعاً } أهل السماء لأن عبادتهم بغير مشقة { وَكَرْهاً } أهل الأرض لأن عبادتهم بالمشقة ويقال طوعاً لأهل الإخلاص وكرهاً لأهل النفاق ويقال طوعاً لمن ولد في الإسلام وكرهاً لمن أدخل في الإسلام جبراً { وَظِلالُهُم } ظلال من يسجد لله أيضاً تسجد { بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } غدوة وعشية غدوة عن أيمانهم وعشية عن شمائلهم { قُلْ } يا محمد لأهل مكة { مَن رَّبُّ } من خالق { ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } فإن أجابوك وقالوا الله وإلا { قُلِ ٱللَّهُ } خالقهما { قُلْ } يا محمد { أَفَٱتَّخَذْتُمْ } عبدتم { مِّن دُونِهِ } من دون الله { أَوْلِيَآءَ } أرباباً من الآلهة { لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً } جر النفع { وَلاَ ضَرّاً } دفع الضر { قُلْ } لهم يا محمد { هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } الكافر والمؤمن { أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ } يعني الكفر والإيمان { أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ } وصفوا لله { شُرَكَآءَ } من الآلهة { خَلَقُواْ } خلقاً { كَخَلْقِهِ } كخلق الله { فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ } فتشابه كل الخلق { عَلَيْهِمْ } فلا يدرون خلق الله من خلق آلهتهم { قُلِ } يا محمد { ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } بائن منه لا الآلهة لا إله إلا هو { وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } الغالب على خلقه ثم ضرب مثل الحق والباطل فقال { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } يقول أنزل جبريل بالقرآن وبين فيه الحق والباطل { فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } فاحتملت القلوب المنورة الحق بقدر سعتها ونورها { فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ } القلوب المظلمة { زَبَداً رَّابِياً } باطلاً كثيراً بهواها { وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ } وهذا مثل آخر يقول ومما تطرحون في النار من الذهب والفضة فيه حيث مثل زبد البحر والملح { ٱبْتِغَآءَ } طلب { حِلْيَةٍ } تلبسونها يقول مثل الحق مثل الذهب والفضة ينتفع بهما كذلك الحق ينتفع به صاحبه ومثل الباطل مثل خبث الذهب والفضة لا ينتفع به كذلك لا ينتفع بالباطل صاحبه { أَوْ مَتَاعٍ } أو حديد أو نحاس { زَبَدٌ مِّثْلُهُ } يقول يكون له خبث مثله مثل زبد الماء وهذا مثل آخر يقول مثل الحق كمثل الحديد والنحاس ينتفع بهما فكذلك الحق ينتفع به صاحبه ومثل الباطل كمثل خبث الحديد والنحاس لا ينتفع به كما لا ينتفع بخبث الحديد والنحاس { كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ } يبين الله { ٱلْحَقَّ وَٱلْبَاطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً } يقول يذهب كما جاء لا ينتفع به فكذلك الباطل لا ينتفع به { وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ } وهو الماء الصافي والذهب والفضة والحديد والنحاس { فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ } ينتفع به فكذلك الحق ينتفع به { كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ } يبين الله أمثال الحق والباطل.