التفاسير

< >
عرض

وَٱبْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ
٧٧
قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ
٧٨
فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
٧٩
وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ
٨٠
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ
٨١
وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ
٨٢
-القصص

تفسير القرآن

{ وَٱبْتَغِ } اطلب { فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ } بما أعطاك الله بالمال { ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ } يعني الجنة { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا } لا تترك نصيبك من الآخرة بنصيبك من الدنيا ويقال لا تنقص نصيبك من الدنيا بما أنفقت وأعطيت للآخرة { وَأَحْسِن } إلى الفقراء والمساكين { كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } بالمال { وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ } لا تعمل بالمعاصي وخلاف أمر الرسول موسى عليه الصلاة و السلام { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } بالمعاصي { قَالَ } قارون { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ } أعطيت هذا المال الذي أعطيت { عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } على ما علم الله أني أهل لذلك ويقال يصنع الذهب بالكيمياء { أَوَلَمْ يَعْلَمْ } قارون { أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ } الماضية { مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً } بالبدن { وَأَكْثَرُ جَمْعاً } مالاً ورجالاً { وَلاَ يُسْئَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } المشركون يوم القيامة كل يعرف بسيماه { فَخَرَجَ } قارون { عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } التي كانت له من الخيل والبغال والغلمان والجواري وحلي الذهب والفضة وألوان السلاح والثياب { قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } وهم الراغبون { يَٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ } أعطي { قَارُونُ } من المال { إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } نصيب كثير { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } أعطوا علم الزهد والتوكل وهم الزاهدون قالوا للراغبين { وَيْلَكُمْ } ضيق الله عليكم الدنيا { ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ } في الجنة أفضل { لِّمَنْ آمَنَ } بالله وبموسى { وَعَمِلَ صَالِحاً } خالصاً فيما بينه وبين ربه { وَلاَ يُلَقَّاهَآ } لا يعطى الجنة { إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } على أمر الله والمرازي ويقال لا يوفق للكلمة الطيبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر { إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } على أمر الله والمرازي { فَخَسَفْنَا بِهِ } بقارون { وَبِدَارِهِ } وبمنزله { ٱلأَرْضَ } غارت به الأرض { فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ } من جماعة وجند { يَنصُرُونَهُ } يمنعونه { مِن دُونِ ٱللَّهِ } من عذاب الله حين نزل به { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } الممتنعين بنفسه من عذاب الله { وَأَصْبَحَ } صار { ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ } قدره ومنزلته وماله { بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ } بعضهم لبعض { وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ } ليس كما قال قارون إن هذا المال بصنعي ولكن الله { يَبْسُطُ } يوسع { ٱلرِّزْقَ } المال { لِمَن يَشَآءُ } على من يشاء { مِنْ عِبَادِهِ } وهو مكر منه كما كان لقارون { وَيَقْدِرُ } يقتر على من يشاء وهو نظر منه { لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } فمنع عنا ما أعطاه { لَخَسَفَ بِنَا } غارت بنا الأرض كما خسف بقارون { وَيْكَأَنَّهُ } وأنه والياء والكاف صلة في الكلام { لاَ يُفْلِحُ } لا ينجو ولا يأمن { ٱلْكَافِرُونَ } من عذاب الله.